يحق للنصراويين أن يتمتعوا بفرحة احتفاظ فريقهم النصر «العالمي» بلقب دوري المحترفين للموسم الثاني على التوالي في إنجاز غير مستغرب على مستوى الثنائيات، حيث سبق للفريق عمل السيناريو نفسه مرتين من قبل. ما يميز النصر الجديد أو نصر «كحيلان» أنه فريق متكامل، يلعب بفلسفة خاصة تجمع بين الفنيات العالية والأداء الجماعي الممتع على طريقة «التيكا تاكا» الجميلة التي ينسجها نجوم البلوغرانا في ملاعب أوربا. ولأن كرة القدم لعبة المتعة، فإن النصر في هذا الموسم قدم امتداداً لموسمه الناجح في الموسم الماضي، وأمتع جميع المتابعين بداية من مدرج الشمس وتواصلاً مع المدرجات الأخرى. وبما أن أي عمل ناجح يستحق قبل التصفيق الدراسة، فإن ما قام به صناع القرار النصراوي لتقديم هذا الفريق الجميل ملف يدرّس في عالم كرة القدم، كيف لا والنصر الذي قبل سنوات كان يعاني الأمرين أصبح الآن الفريق المرعب رقم واحد في بطولات السعودية. ثمة عوامل كثيرة أسهمت في تقديم فريق النصر بطلاً، لكن الأهم من بينها لغة الفكر التي يتعامل بها الأمير فيصل بن تركي، الذي استطاع إبرام عدد من الصفقات الاستراتيجية التي تحملت المسؤولية على الوجه الأكمل عندما حانت المواعيد الكبيرة، فها هو عبد العزيز الجبرين يتجلى عندما انتهى موسم إبراهيم غالب والنجاح ذاته حققه عوض خميس الذي أعاد لوسط الميدان سيمفونيته بجانب شايع شراحيلي ليعوض الثنائي الأنشط الفراغ الذي تركه الفريدي للإصابة. ويحسب للاعبي النصر أدراك كل لاعب منهم حجم المسؤولية الملاقاة على عاتقه، فقد شاهدنا إدريان كيف يحترق ليقوم بكل شيء، وشاهدنا تدخلات الراهب الحاسمة لكثير من المباريات، وتجلي محمد السهلاوي نجم الموسم بدون منازع، كما شاهدنا الأدوار الكبيرة لحسين عبد الغني الذي قهر السنين وأعطى بخبرة وذكاء قلما تتكرر، ولا يمكن أن ينسى أي مستعرض لنقاط تفوق النصر الدور المهم والكبير الذي يقوم به الحارس العملاق عبد الله العنزي. ولأن المواقف تفرز معدن الأبطال، فإن ما مر بالنصر في هذا الموسم من منغصات على صعيد الإصابات لا يمكن أن يمر به إلا فريق بطل، لقد خسر الفريق إبراهيم غالب والفريدي في أقل من 45 يوماً، وتعرض أدريان للإصابة في الأمتار الأخيرة قبل أن يتماثل للشفاء في الموعد الأهم، وتوقف عمر في أهم مباراة، ومع ذلك بقي النصر هو النصر بشخصيته الاعتبارية التي لا تسمح للمنافس التقاط الأنفاس، فكان الأهدأ، والأكثر استحواذاً، والأقرب للتسجيل في جميع المباريات التي لعبها بما فيها أمام الأهلي رغم الخسارة. أخيراً يجب تكرار التهنئة للنصر على لقبه المستحق ولإدارته ولمدربه داسيلفا الذي تحمل النقد واستفاد من الأخطاء في الوقت المناسب ليحافظ على إرث مواطنه المحارب كارينو، وتهنئة خاصة لرئيس النادي الأمير فيصل بن تركي ولكل من أسهم بهذا الإنجاز.