من أشهر الأبيات الشعرية التي مرت على الكل: هذه قالها الإمام الشافعي - رحمه الله -. وفي أشعاره حِكَم ومعانٍ سامية. وهذا البيت بالغ الصحة حتى كأن الشافعي ينظر 1300 سنة للمستقبل، ويرى العلم الحديث وقد أثبت صحة بيته. من الكلمات التي بدأت في الانتشار كلمة «تأثير الهالة»، وتبدو مبهمة لمن يسمعها أول مرة، لكن تعريفها - فعلياً - هو البيت الماضي. فهذه الكلمة أطلقها علماء النفس على ظاهرة طبيعية موجودة في كل البشر، وهي تأثُّرُنا بالإيجاب أو السلب في الناس من ناحية نظرتنا لبقية صفاتهم. إذا أُعجِبتَ بشخصٍ ما - مثلاً أحد المشاهير - فإن حتى الأشياء الأخرى فيه، التي لا علاقة لها بسبب إعجابك، ستبدو طيبة لك. إذا أُعجِبتَ بفِكْر وذكاء أحد المثقفين فإن أشياء أخرى غير ذات علاقة مثل صوته ومظهره ولباسه وما إلى ذلك .. هذه الأشياء تتسرب إليها قطرات إعجابك بفِكره حتى تصطبغ جوانب كثيرة فيه بهذا الإعجاب، رغم أنها لا علاقة لها بسبب إعجابك الأصلي به. قد تُعجَب بمهارة أحد الرياضيين (ملاكم أو لاعب كرة) فتبدأ تنظر إيجابياً لتصفيفة شعره أو لهجته أو ذوقه في الملابس، وهي لا علاقة بها بمهارته الرياضية إطلاقاً! هذا التأثر لا شعوري.. يحصل في عقلك وأنت لا تدري. بل إن تأثير الهالة قوي لدرجة أنه يؤثر على أشياء لم ترها. مثلاً: لو التقيتَ بشخص في مناسبة اجتماعية وأُعجبت به، ثم ذُكر اسمه فيما بعد بين بعض الناس ممن يريدون جمع التبرعات لمشروعٍ خيري، وسألوك: «لقد رأيناك تكلم ذاك الشخص، ما رأيك؟ هل ترى أن نذهب له ليشارك في التبرع؟» حينها ستتذكر إعجابك به، وفي الوقت نفسه تتذكر أن الكرم صفة نبيلة، وبلا شعور ستقول إنه كريم (رغم أن حديثك معه لم يُظهر أي شيء متعلق بالكرم). وبعدها ستزداد إعجاباً - بلا شعور - بسبب هذا الربط! ليس هذا فقط، بل إن تأثير الهالة قد يغيّر السلبيات إلى إيجابيات. العالِم النفسي سولومان آش طبَّق اختباراً نفسياً شهيراً: لديك شخصان، نسميهما أحمد وصالح، فأما أحمد فهو: ذكي، مثابر، مندفع، منتقد، عنيد وحسود. وأما صالح فهو: حسود، عنيد، منتقد، مندفع، مثابر وذكي. أكثر الناس سيفضلون الأول، رغم أن الصفات هي نفسها؛ هذا لأن الصفات المبدوء بها تُغيّر معنى ما بعدها، فيقول المخ: الذكي له عذر في عناده بل ربما يثير الاحترام، لكن الحسود والعنيد شخص مكروه، وإذا أضيف الذكاء لهذا صار خطراً. معنى العناد تغير مرة للسلب ومرة للإيجاب بطريقة تجعلها تتوافق مع السياق. هذا تأثير الهالة؛ فاحذر أن يُستغَلَّ ضدك، وكن على وعي بعلاقة العوامل المختلفة بالفكرة أو الشعور الذي تحمله.