عادت الأزمة الأوكرانية لتدور في حلقة مفرغة قد تؤدي إلى سقوط وقف إطلاق النار واسئناف القتال الذي وضعت له حداً مؤقتاً اتفاقات مينسك. خاصة بعد أن حذرت سلطات «جمهورية دونيتسك الشعبية» المعلنة من جانب واحد السلطات الإوكرانية من أن تجاهلها لشروط اتفاقات مينسك فيما يتعلق بمنح نظام الحكم الذاتي لمناطق شرق أوكرانيا قد يؤدي إلى نسف تطبيق تلك الاتفاقات. وتنتهي السبت 14 مارس/آذار المهلة الزمنية التي تمنحها اتفاقات مينسك لكييف لتحديد الأراضي التي يشملها «النظام الخاص» أي الحكم الذاتي المقدم للمناطق الخاضعة لسيطرة الانفصاليين في شرق أوكرانيا. وقال دينيس بوشيلين مفوض «جمهورية دونيتسك» في مفاوضات مينسك: «بقي أمام كييف 24 ساعة للوفاء بالتزاماتها. وإذا لم يتخذ القرار في غضون 24 ساعة، فسيرى العالم برمته بوضوح أن كييف لا تنوي الوفاء بخارطة الطريق التي تم الاتفاق عليها في مينسك». وأوضح أن عدم التزام كييف بالبند المذكور قد يؤدي إلى نسف اتفاقات مينسك والعملية السلمية كلها. يذكر أن زعماء «رباعية النورماندي» وهم الرؤساء الروسي فلاديمير بوتين والأوكراني بيترو بوروشينكو والفرنسي فرانسوا هولاند والمستشارة الألمانية أنغيلا ميركل نسقوا خلال مفاوضات استغرقت ساعات طويلة في مينسك يوم 12 فبراير/شباط حزمة من الإجراءات لتسوية النزاع في شرق أوكرانيا، منها اتفاق بشأن وقف إطلاق النار بدءاً من 15 فبراير/شباط وسحب الأسلحة الثقيلة من خط التماس بين الطرفين وتبادل الأسرى وإجراءات ترمي إلى التسوية السياسية طويلة الأمد. وقال إدوارد باسورين نائب قائد هيئة الأركان التابعة لقوات الانفصاليين في شرق أوكرانيا إن سلطات جمهورية دونيتسك الشعبية المعلنة من جانب واحد تخشى أن تستخدم كييف الأموال التي يقدمها لها صندوق النقد الدولي، لمواصلة الحرب في دونباس. وأضاف «الوضع متوتر جداً هنا. وفي الوقت الراهن لا تجري أية عمليات قتالية مكثفة، لكن هذه المنطقة ما زالت نقطة ساخنة». يذكر أن مجلس إدارة صندوق النقد الدولي صادق الأربعاء على برنامج مدته 4 سنوات لتقديم مساعدات مالية لأوكرانيا قدرها 17.5 مليار دولار، وذلك بحسب مديرة الصندوق كريستين لاغارد. وفي ختام لقاء أجرته مع المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل أشارت لاغارد إلى أن الصندوق يخطط لإرسال معظم المبلغ المخصص لأوكرانيا، وهو 10 مليارات دولار، خلال الأشهر ال12 القادمة. من جهته, كشف رئيس أوكرانيا بيترو بوروشينكو عن أن خبراء من دول الناتو يقومون حالياً بتدريب عناصر الجيش الأوكراني. وأعلن في اجتماع لمجلس الأمن القومي والدفاع عن حصول كييف على مساعدات من الدول الأعضاء في حلف شمال الأطلسي، بما في ذلك طائرات تكتيكية من دون طيار، ومحطات إضافية لمقاومة الأجهزة الإلكترونية وغيرها من المعدات. وأضاف أنه تم استئناف «تدريبات العسكريين الأوكرانيين وإعدادهم، بما في ذلك بمشاركة شركائنا في عدد من دول الناتو». كما أفاد الرئيس الأوكراني عن بناء حواجز محصنة من المخطط إقامتها على طول خط التماس بين طرفي النزاع المسلح في منطقة دونباس (جنوب شرق البلاد). ومع أنه جدد تمسك كييف باتفاقات مينسك بشأن التسوية السلمية للنزاع, إلا أنه أكد مواصلة الدولة تعزيز قدرات جيشها قائلاً: «نحن نخوض عمليتين متوازيتين في آن واحد، أولاهما التزامنا ببنود مذكرة مينسك، وثانيهما أننا نمضي قدماً في تعزيز القدرات القتالية لقواتنا المسلحة».