بدأ منذ مطلع الأسبوع الماضي موسم تلقيح النخيل في محافظة وادي الدواسر, معلناً بداية موسم جديد مع بداية طلع النخيل بعد صرامها ( جذاذ ثمارها ) في الموسم الماضي, حيث يفصل بين الموسمين قرابة الأربعة أشهر حسب ما أرخه أصحاب النخيل لأنفسهم منذ الأزل. وتتميز النخيل عن غيرها من كافة أشجار الفاكهة كونها ثنائية المسكن حيث الشجرة الأنثى (حاملة التمر) مستقلة عن الشجرة الذكرية (فحل النخل) لذا لا يتم التلقيح والإخصاب، إلا بنقل لقاح الفحل إلى طلع الأنثى, ويتم ذلك بعدة طرق: فمنها ما يتم عن طريق الرياح أو الحشرات إلا أنها طريقة غير مضمونة ونادراً ما تتحقق الفائدة من هذه الطريقة؛ ومنها ما يتم عن طريق نقل اللقاح عن طريق الفلاحين إلى طوالع النخيل حيث يتم تلقيح طوالع ثمار النخيل على فترات متفاوتة, فكلما خرج أحد الطوالع ثم أفلق ( أنفتح ) لزم الفلاح بوضع اللقاح في ذلك الطلع . وتتكرر هذه العملية مع كل طلع جديد حتى تكمل النخلة كافة طوالعها, وقد تستمر هذه العملية قرابة الشهر يعلن فيها الفلاحون حالة الاستنفار القصوى لمتابعة تلقيح نخيلهم، حتى لا تفسد ثمارها عند النضج وهي الفترة الحالية التي يعيشها مزارعو النخيل في معظم مناطق المملكة هذه الأيام, حيث يقوم المزارعون بتوفير العمالة اللازمة لتلقيح نخيلهم بعد أن اكتفى كثير منهم بعملية الإشراف لتلك العمالة التي حرص الفلاحون على تدريبهم بأنفسهم ومتابعتهم أثناء عملية تلقيح نخيلهم في الوقت المناسب وتوفير اللقاح الجيد, والذي يحتوي على طحين (بودرة ) اللقاح ذات الرائحة الزكية, والتي بها يتم تلقيح الأزهار الأنثوية في ثمار النخيل. وتختلف النخيل حسب أنواعها وأصنافها في الكميات التي تحتاجها من اللقاح وزمن تلقيحها . فمن النخيل ما يحتاج لكميات عالية من اللقاح فور انفلاقها، ومن ذلك نخيل (الخش خاش), ومنها ما يحتاج إلى كميات متوسطة خلال فترة لا تتجاوز خمسة أيام من انفلاقها، مثل : نخيل السري وخلاص الحساء والشيشي والشبيبي, وعند التأخير عن تلك الأيام قد تفسد ثمارها وهو ما يسمى ( بالشيص )، وهو انقسام الثمرة عند نضجها إلى ثلاثة أو أربعة أقسام مثلثة الشكل مدببة الرأس, وهو خلاف الثمر الجيد. ومن النخيل ما يفضل المزارعون تركه دون لقاح لعدة أيام، ولا يؤثر ذلك عليه، ومن ثم تلقيحه بكميات قليلة. ومن ذلك: خلاص الوادي والمقفزي والصفري، ولعل سر تأخير لقاحها هو أن ذلك يعطي ثمار كبيرة الحجم عند النضج ؛ وقد يلجأ المزارعون أيضا إلى قص ( جذاذ ) الثلث الأعلى من الطلع ( العذق ) وبعض من جزئه الأوسط للحصول على تمور جيدة وكبيرة وذات قيمة غذائية ممتازة عند نضجها، ولكن لا يلجأ الفلاحون إلى ذلك إلا مع بعض أنواع النخيل دون الأخرى . وكما أن نقص اللقاح قد يفسد الثمار فإن زيادته أيضاً عن الحد المعقول قد تفسده أيضاً.