في خطابه العالمي والذي اختتمه خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود بقوله «اللهم إني قد بلغت، اللهم فاشهد» في أغسطس الماضي أشار فيه إلى الذين تخاذلوا عن أداء مسؤولياتهم التاريخية ضد الإرهاب من أجل مصالح وقتية أو مخططات مشبوهة، بأنهم سيكونون أول ضحاياه في الغد، وكأنهم بذلك لم يستفيدوا من تجربة الماضي القريب، والتي لم يسلم منها أحد. منذ أسابيع تابع العالم الحادث الغادر الذي تعرض له سلاح الحدود السعودي وراح ضحيته ثلاثة من خيرة أبناء المملكة.. وبعدها بأيام فجع العالم بمجزرة شارل ابيدو.. ويبدو أنه لا نهاية مع الإرهاب إلا بالمواجهة الشاملة الحكيمة والمدروسة والقوية, فالبنادق والمدافع والطائرات وغونتنامو وابوغريب ليست إستراتيجية مواجهة بقدر ما هي أدوات يوجد أفضل منها إذا تم تناول الأمر من مأخذ صحيح وأعطيت ظاهرة الإرهاب حقها من الدراسة في سبيل مواجهة شاملة ليست عسكرية وحسب.. منذ عشر سنوات دعى خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز في مؤتمر الرياض إلى إنشاء (المركز الدولي لمكافحة الإرهاب) في سبيل التعمق في دراسة ظاهرة الإرهاب ووضع الرؤى والاستراتيجيات الملزمة لدول العالم بدون استثناء للتعامل معها على أمل إخراج ميثاق دولي شبيه بميثاق حماية حقوق الإنسان يتم اعتماده أممياً ليكون قانونا دوليا ساريا على الجميع فلا يعود من حق دولة مثل إسرائيل التباكي من جرائم الإرهاب وفي نفس الوقت تمارس دورا أكثر بشاعة ولعل نص ما جاء في خطاب العاهل السعودي أكثر جلاء للقارئ عندما قال: «أصبح للإرهاب أشكال مختلفة، سواء كان من جماعات أو منظمات أو دول وهي الأخطر بإمكانياتها ونواياها ومكائدها» وأردف قائلاً: «كل ذلك يحدث تحت سمع وبصر المجتمع الدولي بكل مؤسساته ومنظماته بما في ذلك منظمات حقوق الإنسان». إسرائيل ليست النموذج الوحيد بل هناك دولة أخرى تقع إلى الشرق مِنّا تمارس ذات الازدواجية فتستنكر الإرهاب الممارس ضدها وتمارس بدورها صورة أخرى من صور الإرهاب في سوريا واليمن وأماكن أخرى!! ورغم أن المقترح الملكي بإنشاء (المركز الدولي لمكافحة الإرهاب) قد حظي بتأيد الكثير من الدول لكن على ما يبدو أن الجدية في التعاون الفعال لا تأتي إلا بعد أن تقع الفأس في الرأس للأسف كما حصل في باريس. وكما يبدو أن بعض القوى الكبرى تتهرب من البحث العلمي والدقيق لظاهرة الإرهاب وتعريفه وتتهرب من وضع الخطط الشاملة لمواجهته وتكتفي بممارسة العنف المضاد على غير جدوى مما يأخذ عالمنا مسافات وسنوات في طريق المجهول. لن نقبل المزايدة علينا فالعالم العربي خاصة والعالم الإسلامي عامة ضحى ويضحي كثيراً نتيجة هذا الخلل الفكري المنتج للإرهاب كما أن غزةوسوريا ترتكب فيها جرائم ضد الإنسانية وفي المحصلة كل هذه الأدوار إرهابية بلا خلاف.