جميعنا يعلم جيداً أن الشركة السعودية للكهرباء أصدرت عند إنشائها حصص ملكية لمساهميها على شكل «أسهم» بينما قامت مؤخراً بإصدار أدوات دين لدائنيها على شكل «صكوك»، و اسمحوا لي هنا أن أركز في هذا المقال على حصص الملكية المتمثلة بالأسهم حيث تلتزم الشركة منذ تأسيسها أمام مساهميها على منحهم توزيعات نقدية بنسبة 7 بالمئة سنوياً من القيمة الاسمية لكل سهم بغض النظر عن الأداء المالي للشركة، و من المؤكد أن الشركة نجحت منذ تأسيسها و حتى الآن في تنفيذ إلتزامها برغم المصاعب المالية التي واجهتها في بعض الفترات. هنا يجب أن نوضح أن نجاح الشركة في تنفيذ إلتزامها هذا يعود أولاً إلى تنازل كبار الملاك (الجهات حكومية تحديداً) و الذين يسيطرون على ملكية نحو 81 بالمئة من أسهم الشركة عن حصتهم في التوزيعات النقدية فيما تقتصر التوزيعات النقدية فقط على بقية الملاك من الأفراد و الذين يسيطرون على نحو 19 بالمئة، و أيضاً يجب توضيح أن الإلتزام بهذه التوزيعات النقدية هو في واقع الأمر بدأ منذ زمن طويل جداً عندما كانت الشركة عبارة عن مجموعة شركات كهرباء للمناطق الرئيسية و قبل ذلك عندما كانت مجموعة شركات كهرباء صغيرة لكل مدينة من المدن الرئيسية في المملكة. ما يهمنا هنا أننا نتحدث عن «سهم» بينما واقع التوزيعات النقدية الثابتة منذ زمن طويل يجعلنا في حيرة من أمرنا: هل هذا السهم هو حصة ملكية؟ أم هو أداة دين؟ على إعتبار أن التوزيعات النقدية المنتظمة هذه جعلت من السهم أداة من أدوات الدخل الثابت و هذه بالتأكيد من أهم صفات أدوات الدين (كالصكوك و السندات) و ليست من صفات حصص الملكية (كالأسهم) بأي حال من الأحوال!! بل وصل الأمر ببعض المحللين الماليين في المملكة إلى استخدام طرق التقييم الخاصة بأدوات الدين في احتساب القيمة العادلة للسهم بدلاً من طرق التقييم الخاصة بالأسهم مستندين في ذلك على مبررات استثمارية منطقية، و هنا تكمن المشكلة !! و ما يدعم إعتبار هذا السهم على أنه «أداة دين» من حيث طريقة التقييم، أنه لا يوجد في الأفق المنظور ما يدل على أن الشركة تنوي مستقبلاً زيادة أو تخفيض نسبة التوزيعات النقدية لمساهميها، مما يعني أنه حتى لو ارتفعت أرباح شركة الكهرباء بالضعف أو الضعفين أو حتى الثلاثة أضعاف خلال عقود من الزمن فيجب على مساهميها أن لا يتوقعوا الحصول على أي زيادة في التوزيعات النقدية لعدة أسباب منها: أن كبار الملاك سيطالبون بحصتهم في هذه التوزيعات النقدية، وأن الدائنين سيرفضون أي زيادة في التوزيعات النقدية لضمان انتظام الشركة بسداد مديونتها المرتفعة أساساً!!