تردني عبر تويتر استفسارات من القراء حول سبب تجنب كاتب هذه السطور الكتابة عن القضايا الاجتماعية والتركيز بشكل دقيق على الأمور المصرفية فقط. السبب وبكل بساطة أن القائمين على صفحة «المصرفية الإسلامية» ب»الجزيرة» يرغبون بأن تخاطب زاوية العبد الفقير طبقة رجال الأعمال والباحثين من مجتمعنا. سواء كانوا مصرفيين أو طلاب الاقتصاد والمال. فالصحيفة تؤمن بثقافة «التخصص» بقطاع معين، ومن ثم مشاركة المجتمع هذه المعرفة عبر هذه الزوايا. وبنظرة عامة على صحافتنا، فإنك ستجد العديد من الزملاء الذين تم التعاقد معهم لكي يدلوا بدلوهم في التخصص الدقيق الذي عرفهم المجتمع به، إلا أنك تُفاجأ بأن الكاتب أصبح يدلي برأيه في قضايا اجتماعية تخالف تخصصه الأساسي، سواء كان في المصرفية أو التأمين أو المالية الإسلامية. نحن لا ندعو إلى مصادرة الرأي الآخر بقدر ما نطالب باحترام التخصص الرئيسي للكاتب. لو نظرنا لصحيفة الفاينانشال تايمز، لرأيت أن كتابها يحترمون ثقافة «التخصص» ولا ينحرفون عن المسار الاقتصادي للصحيفة. فليس كل من سبق اسمه كلمة «د.» أبدع في الكتابة وليس كل من حمل منصبا رفيعا أصبح قادرا أن يكتب في تخصص دقيق. ويذكرني ذلك بمقولة ذكرها لي أحد أشهر الفقهاء الأمريكان في صناعة التمويل الإسلامي. يقول الشيخ يوسف طلال ديلوزينزو ليس كل من حمل شهادة الدكتوراه بشؤون الاقتصاد الإسلامي يمكن أن يكون مؤهلاً لدخول المجالس الشرعية للبنوك. في إشارة منه إلى أهمية الجانب التطبيقي قبل النظري. وكم من شبابنا الموهوبين الذين رجعوا من الابتعاث وأصبح لديهم ثقافة التخصص في حقل معين، تجد أن أبواب إعلامنا قد أوصدت في وجوههم، لا لشيء إلا لأنهم لا يعرفون أحدا معينا في هذا المنبر الإعلامي أو لأنهم لم يتبوءوا منصبا رفيعا. أتذكر جيدا عندما كنت في بريطانيا خلال مرحلة دراسة الماجستير كيف كان من المستحيل لي بمكان أن تحتضنني أي صحيفة محلية عندما أردت أن أتخصص في كتابة زوايا تثقيفية عن المالية الإسلامية. وعندما أوصدت الأبواب في وجهي، وجدت مجلات إنجليزية من ماليزياوبريطانيا ودبي ترحب بكتاباتي المتخصصة في الصيرفة!! عرفتم الآن كيف ينظر الآخرون إلى ثقافة «التخصص» والموهبة حتى لو كان الكاتب طالبا لم يتبوأ منصبا بعد في مجتمعه؟ ومضة أندلسية من «الداخل»: سعدي وحزمي والمهند والقنا :: ومقادر بلغت وحال حائلُ ان الملوك مع الزمان كواكبٌ :: نجم يطالعنا ونجم آفلُ والحزم كل الحزم ألا يغفلوا :: أيروم تدبير البرية غافلُ؟! ويقول قوم سعده لا عقله :: خير السعادة ما حماها العاقلُ