أبدى محللون ماليون تفاؤلهم بتعافي وتحسن أداء سوق الأسهم السعودي خلال الفترة المقبلة، وذلك لاستمرار الإنفاق على خطط التنمية، ومتانة الاقتصاد وقدرته على تحمل تذبذب أسعار النفط بعد تراجعها الحاد.. وأكدوا ل»الجزيرة» أن السوق (كمستقبل) للمستثمرين يعتبر فرصة كبيرة لتحقيق عوائد مجزية، ولكن ذلك يعتمد على قراراتهم، وعدم تأثرهم بأيّ تصحيحات تحدث فيه، بل النظر للاستثمار بعيد المدى. وقالوا: نظراً للتراجع الحاد في السابق لمؤشر السوق، اتضحت الحاجة الملحة للعمل على مستويات عديدة يتمثل أولها في تقليص تأثير النفط بالاقتصاد المحلي كموارد للخزينة أو داعم أكبر للنشاط الاقتصادي من خلال الإنفاق الحكومي والتحول إلى اقتصاد منتج وحر ويحقق النمو ذاتياً بعيداً عن أثر الإنفاق الحكومي، إلى جانب ضرورة العمل على تعزيز ثقة المستثمرين في سوق المال من خلال رفع مستوى الشفافية والإفصاح، وإنشاء لجنة مستقلة للمراجعة والفحص للقوائم المالية للشركات المدرجة أو المزمع إدراجها لضمان عدم التلاعب بالقوائم المالية، بالإضافة إلى إنهاء جميع القضايا العالقة بالنسبة للشركات والمضاربين التي تعطلت لفترة طويلة ونشر ذلك للمتداولين، وتفعيل الرقابة الصارمة، إلى جانب إيجاد صانع سوق مؤسساتي، وتطبيق نظام شراء الشركات لأسهمها. وقال المحلل محمد العنقري، أن ما حدث سابقاً في سوق الأسهم يعد استثمار لفرص تولدت من حدة الانخفاض ووصول أسعار العديد من الشركات لمستويات جاذبة من حيث ارتفاع العوائد، وكذلك انخفاض مكرر الأرباح. وبين أن الأزمات عادة ما تولد الفرص، حيث دعم تعافي السوق تصريحات وزير المالية ووزير البترول، والتي طمأنت المستثمرين على استمرار الإنفاق على خطط التنمية بما يضمن تحقيق نمو اقتصادي جيد وكذلك متانة الاقتصاد وقدرته على تحمل تذبذب أسعار النفط بعد تراجعها الحاد، بالإضافة إلى التوقعات بأن الأسعار ستعود للاستقرار عند مستويات أعلى خلال فترة لن تكون طويلة، حيث ساهمت تلك العوامل بالارتداد الجيد للسوق المالي. وقال العنقري: نظراً للتراجع القوي في مؤشر السوق الذي حدث سابقاً، تتضح الحاجة للعمل على مستويات عديدة يتمثل أولها في تقليص تأثير النفط بالاقتصاد المحلي كموارد للخزينة أو داعم أكبر للنشاط الاقتصادي من خلال الإنفاق الحكومي والتحول إلى اقتصاد منتج وحر ويحقق النمو ذاتياً بعيداً عن أثر الإنفاق الحكومي، أو بمعنى أدق تقليل دوره وهذه طبعاً يحتاج لوقت حتى تتحقق، لكن لابد من الإسراع بالخطوات التي تم وضعها في خطط التنمية، أما على صعيد السوق فهناك حاجة لإقرار نظام صانع السوق من خلال تفعيل دور المؤسسات المالية فيه، وإضافة أدوات تداول أوسع، إلى جانب إقرار نظام الشركات الذي سيسمح بشراء الشركات لأسهمها، وكذلك إلزام الشركات بالإعلان عن توقعاتها المستقبلية لنتائجها، ورفع مستوى الإفصاح والشفافية بالسوق أكثر مما هو قائم حالياً. وطالب العنقري بأهمية دعم صدور تقارير ودراسات عن الاقتصاد المحلي بشكل دوري، وعند الضرورة أيضاً، وكذلك زيادة التقارير التي تصدر من المؤسسات المالية والاستشارية والبحثية عن الاقتصاد والسوق المالي، مشيراً إلى أن السوق كمستقبل للمستثمرين يعتبر فرصة كبيرة لتحقيق عوائد مجزية، ولكن ذلك يعتمد على قراراتهم، وعدم تأثرهم بأي تصحيحات تحدث فيه، بل النظر للاستثمار البعيد المدى. وفي السياق ذاته، قال المحلل مساعد السعيد، أن السوق يعيش مرحلة تصحيح طبيعية، ولكن زادت حدتها بأسباب خارجية، فلو نظرنا لمراحل تحقيق القمة 11159 نقطة وما عقبها من تصحيح نجد أن السوق في نهاية مايو الماضي وحتى بداية يوليو الماضي، بدأ فعلا بالتذبذب الأفقي قريباً من مستوى10 آلاف، وبدأ يشكل أول قمة هابطه إيذاناً ببداية تصحيح طبيعي وصحي، ولكن حدث أن تم إعلان فتح السوق للمستثمر الأجنبي فقفز السوق (قسراً) وصعد للأعلى وفتحت الشركات القيادية فجوات (إنهاكية) خاصة شركة سابك، وهذا ما أدى إلى صعود غير صحي في وقت كانت جميع المؤشرات تعاني من الاحتقان أساساً، مما جعل السوق يتراجع طبيعياً لإغلاق تلك الفجوات، حيث دخلت في هذه الأثناء أسعار النفط في موجة هبوط قوية، مما زاد من حدة النزول التي اعتبرها المرحلة الثانية للهبوط. وتابع السعيد: بعد أن وصلت الأسعار لمستويات دعوم مهمة جداً كانت في وقت سابق مناطق دخول للعديد من المحافظ التي عليها تسهيلات، مما أدى لتسييل تلك المحافظ وهذا ما أدى للموجة الثالثة العنيفة من الهبوط، والتي أوصلت السوق لمستوى 7200 نقطة، وبعدها كالعادة انتهزت السيولة الاستثمارية الفرصة وبنت مراكز في هذه المناطق ودخلت بقوة، ما أدى لارتداد سريع جداًَ إلى مناطق 8500 نقطة، إذ تزامن ذلك مع استقرار وارتداد أسعار النفط، ما يعني إجمالاً أن أسباب الهبوط تتمثل في ثلاثة أسباب رئيسية.. الأول منها وصول المؤشر لقمم يحتاج عندها التخفيف من الاحتقان، والسبب الثاني تمثل في هبوط أسعار النفط، فيما تمثل السبب الثالث في تسييل بعض محافظ التسهيلات. وأوضح السعيد، أن عوامل التعافي واستقرار السوق في الوقت الحالي تمحورت حول انتهاز السيولة الاستثمارية للفرص التي هيأها الهبوط والدخول للسوق تحت الثمانية آلاف نقطة، إلى جانب استقرار أسعار النفط وتوقفها عن الهبوط ولو مؤقتاً، وعليه نتوقع استقرار للسوق في هذه المناطق بالمدى المتوسط، حيث يعتبر القاع المتحقق عند مستويات 7200 نقطة قاع قوي جداً لأنه منطقة دخول مستثمرين وليس مضاربين، وقد يتراجع مؤشر السوق إلى حدود 7800 نقطة أو قريبا منها، وتوقع ان السعيد أن يستقر المؤشر ومن ثم يأخذ المسار الصاعد بعد استقراره، لافتاً إلى أن ما يحدث من تصحيحات أو تراجعات بين فتره وأخرى يعتبر أمراً طبيعي في أسواق المالية على مستوى العالم ومنها السوق السعودي، لكن المهم أن يعي ويعرف المتداول أي الشركات التي تستحق أن يشتريها وأي الأوقات المناسبة للشراء، وأن يبتعد عن التسهيلات مهما كانت المغريات. وأكد السعيد على ضرورة العمل على تعزيز ثقة المستثمرين في السوق المالي من خلال رفع مستوى الشفافية والإفصاح، إلى جانب ما طالب به الخبراء الاقتصاديين بإنشاء لجنة مستقلة للمراجعة والفحص للقوائم المالية للشركات المدرجة أو المزمع إدراجها لضمان عدم التلاعب بالقوائم المالية. من جهته قال المحلل هشام الوليعي: إن أبرز الأسباب التي أدت لتعافي السوق تمثلت في تصريح وزير المالية والذي طمأن المستثمرين على متانة الاقتصاد السعودي واستمرار الإنفاق للأعوام القادمة، وتأتي أيضاً تصريحات وزير البترول مكملاً لتهدئة حالة الهلع التي أصابت السوق، وأدت للتدافع البيعي ليخسر كل مكاسب العام في فترة وجيزة، ولو تأخرت تلك التصريحات لرأينا مزيداً من انهيار الأسعار، فمثل هذه التصريحات تعتبر مهمة، ولابد أن نرى المسؤول يخرج ويوضح ما هو مبهم ويزيل الشائعات التي تسيطر على سلوك المتداولين. وأوضح الوليعي، أن سوق الأسهم على الرغم من التنظيمات والتشريعات التي شهدها خلال الأعوام الماضية، إلا أنه لايزال يحتاج للمزيد من الأمور المهمة لإصلاحه، وليكون سوقاً ذا كفاءة ليضع المستثمر جزءاً من مدخراته، وهو يثق في أن ذلك الاستثمار لن يتعرض للانهيار فجأة كما حدث في السابق. وأكد الوليعي، أن سوق الأسهم بحاجة إلى إنهاء جميع القضايا العالقة بالنسبة للشركات والمضاربين التي تعطلت لفترة طويلة ونشر ذلك للمتداولين، وبحاجة أيضاً إلى تفعيل الشفافية والرقابة الصارمة عليهما، بالإضافة إلى حاجة السوق الماسة إلى صانع سوق مؤسساتي، وتطبيق نظام شراء الشركات لأسهمها لكي تتم المحافظة على سلوك الأسهم ويضع التأثير الأعظم على تحركات السهم من خلالهم، لا من خلال سيطرة مجموعة من المضاربين، لافتاً إلى أهمية النظر في نسب ظهور كبار الملاك وتغييرها وأن تكون أقل من 5%، المعتمدة حالياً، حيث إنها تقدم مزيداً من الإفصاح والشفافية وتكشف التلاعب في الأسهم ذات رؤوس الأموال العالية. وتوقع الوليعي أن يجني السوق أرباحه مع إعلان الميزانية للدولة ويستقر بمناطق قريبة من 8 آلاف نقطة، ليعاود من بعدها الصعود والاستقرار النسبي في نطاق قريب من الأسعار الحالية لحين نتائج إعلانات الشركات لنهاية العام الحالي والتي ستعطي توجهاً لحركة السوق للعام الجديد.