سيطر عدم وضوح الرؤية في مسار سوق الأسهم السعودية على المتداولين، خصوصا بعد رضوخ أداء المؤشر العام لرغبة التذبذبات المتباينة، ما جعل توقعات المحللين تعاني من الدقة في كثير من الأوقات بعد أن شاركت عوامل عدة في تأجيج حركة الأسعار سلباً أو إيجاباً. إلا أن الأحداث الأخيرة التي مر بها المؤشر العام أدت إلى استقرار الأوضاع نفسيا والذي انعكس على ديناميكية التعاملات، الأمر الذي نتج عنه شبه إجماع من المحللين على انحسار التشاؤم وازدياد منسوب الثقة في تحقق الآراء المتفائلة لمستقبل السوق في الفترة القريبة المقبلة. حيث أكد خبير في التحليل الفني ل"الرياض" على توقعاته في عودة سوق الأسهم السعودية فوق حاجز 6 آلاف نقطة واصفا إياها بأنها "مسألة وقت"، مفيدا أن الرجوع إلى هذه المستويات أمر منطقي وحق مكتسب للمؤشر العام، بعد تنازله عنها نتيجة عوامل ضد منطق الأسعار ناتجة عن بيوع جائرة خارجة عن إرادة السوق. وأوضح عبدالرحمن السماري عضو إليوت ويف العالمية، أن الهبوط في أخر ألفي نقطة يعتبر شاذا ولا يعتد به فنيا، كون التسهيلات البنكية أحدثت ردة فعل سلبية لدى المستثمرين الذين كان قد جذبهم إغراء الأسعار فظل السوق يعاني من انحسار قوى الشراء أمام قوى البيع المفتعلة. وأشار إلى أن عودة أحجام التداول عند نفس متوسطاتها عندما كان السوق فوق حاجز 10 آألاف نقطة دليل على عودة النشاط، حيث عكس معدل التداول خلال الشهرين الأخيرين عودة أحجام التداول للصعود وهو دليل قوي على عودة كبار المستثمرين للسوق بعد أن تم التخلي عنه ليسقط من مستويات 9 آلاف نقطة بأقل من المتوسط المعتاد. وذكر السماري وهو محلل فني معتمد من الاتحاد الدولي للمحللين الفنيين، أن هذا التوجه المتفائل يأتي مع عودة الثقة شيئا فشيئا للسوق بعد أن كاد يفتقدها بسبب تصرفات البنوك التي أضرت بأداء السوق، مضيفا أن الارتداد الذي صاحب حركة أسهم الشركات القيادية والذي بلغ قرابة 50 في المائة يعد من الإشارات الايجابية، وعلى وجه الخصوص فإن عمق هذا الارتداد يعكس المصداقية في الارتفاع وليس مضاربيا كون الارتدادات المضاربية لا تتجاوز عادة 30 في المائة. وأبان أن استمرار الارتداد أكثر من 12 يوم تداول دليل واضح على استجابة وجدها السوق من مستثمرين خارجيين وبرهان على أن الشراء لم يكن بدافع مضاربي بحت، بالإضافة إلى أن العديد من الشركات متوسطة الحجم وذات الأداء المالي الجيد تشهد إقبالا واضحا بدليل مقاومتها لهبوط المؤشر العام وتحقيقها ارتفاعات على الرغم من تراجع السوق. وأوضح السماري أن هذه الإشارات هي بمثابة دلائل على أن ما يحدث في السوق حاليا هو نشاط تجميعي، والقاع يتشكل في تلك الأثناء، مفيدا أنه عادة ما يستغرق تكوّن القيعان وقتا أطول مقارنة بالقمم ناتجا عن النشاط التجميعي الذي يحتاج إلى فترة زمنية أطول ويصاحبه ضغط على الأسعار بهدف الحصول على الأسهم بمتوسط سعري متدن. ويرى أن الارتداد الذي عكسه قطاع البتروكيماويات مثل سابك ب50 في المائة صعودا، يعني امتداد هذا السلوك إلى بقية أسهم السوق، متوقعا أن تشهد ارتفاعات من أدنى مستوى محقق بقرابة 40 إلى 50 في المائة، إلا أن المحلل الفني يؤكد على أن السوق في انتظار محفزات تكون الشرارة الأولى للارتفاع، تتمثل في نتائج الشركات وبالأخص البنوك وسابك، والتي من شأنها أن تحيّد مخاوف المتداولين من تأثير الأزمة المالية على الشركات. وأوضح أن ميزانية الدولة سيكون لها دور فاعل كونها ستعكس قوة الاقتصاد وتعطي دلالة على حجم الإنفاق الحكومي المتوقع وفائدة الشركات منه، وذكر " يجب أن نتذكر أن القاع منطقة أكثر منها نقطة تحدد بعينها ومظاهر التجميع واضحة في السوق منذ فترة والعودة فوق حاجز 6 آلاف نقطة مسألة وقت". في المقابل أكد محمد عبدالسميع مدير استثمار في شركة رنا للاستثمار، على إيجابية السوق وأن أسعار الأسهم تقف عند مناطق جيدة للمستثمر والمضارب، مفضلا عدم تحديد مستويات مستهدفة للمؤشر العام، معللا ذلك للظروف خارج المملكة والتي ربما تأتي بمتغيرات إجبارية تنعكس على سوق الأسهم. وأشار إلىأن ردة الفعل النفسية والقوية التي اجتاحت أسعار أسهم القطاع المصرفي نتيجة الأزمة العالمية، ستخوّل البنوك لاحتلال مركز القيادة للمؤشر العام مع ظهور نتائج القطاع والتي ستعطي المصارف جرعة إيجابية بخلاف نتائج قطاع البتروكيماويات المتوقع له نتائج سلبية. وأوضح عبدالسميع أن الوعي لدى الأفراد أصبح في حال أفضل من قبل خصوصا بعد أن اتضح ذلك على أسهم الشركات الضعيفة ماليا وذات المضاربة العالية، والتي لم تتفاعل مع ارتفاع السوق، باستثناء أسهم بعض الشركات التي تأثرت بدخول بعض الصناديق المؤسساتية الخاصة. وأضاف أن الشركات التي تتمتع بصغر الحجم وقوة ميزانياتها ستكون هي المسيطرة على التداولات في الفترة المقبلة امتدادا لما حدث في الآونة الأخيرة، موضحا أن شركة سابك مستثناة من قطاع البتروكيماويات كونها حالة خاصة جدا بفعل امتلاك عدد من المؤسسات لاستثمارات ضخمة فيها ولا يمكن تعميمها على باقي القطاع. من جهته أوضح مساعد السعيد محلل فني، أن مستوى 6040 نقطة يعد منطقة مستهدفة للموجة الرابعة التي يعيشها المؤشر العام، إلا أنه يشترط وجود أنباء إيجابية تساعد السوق في الوصول إلى هذه المستويات، خصوصا وأن المؤشرات الفنية تعاني من الضعف في قدرتها على مواصلة الارتفاع. وأوضح أن نشاط أسهم الشركات المضاربية واستقرار أسهم الشركات القيادية يوحيان بتحول السيولة إلى القياديات مع قرب نتائج الشركات في نهاية العام، مفيدا أن هذا الاهتمام المنصب على المضاربات ما هو إلا محاولة تصريف لتغيير الاتجاه إلى أسهم الشركات المتوقع لها أرباحاً وتوزيعات نقدية.