هناك قانون في علم الاقتصاد يسمى «قانون ساي» وهو منسوب إلى الاقتصادي الكلاسيكي الفرنسي جان بابتيست ساي الذي كان يقول إن «العرض يخلق الطلب». وعلى الرغم من الجدل حول دقة هذا القانون فإنني كلما قرأت عن حوادث القبض على مهربي ومروجي المخدرات في المملكة أتذكر ذلك القانون! في هذا اليوم الذي اكتب فيه هذا المقال قرأت خبرين في صحيفة المناطق الإلكترونية: * الخبر الأول هو أن دوريات أمن طرق الخماسين بوادي الدواسر ضبطت شخصين بحوزتهم كمية كبيرة من الحشيش المخدر كانت مخبأة في سيارتهما. * الخبر الثاني أن مركز أمن المثلث قد أحبط محاولة امرأة وافدة من الجنسية الإثيوبية كانت تستقل حافلة تابعة للنقل الجماعي حاولت تهريب كمية من الحشيش المخدر. وكل يوم، تقريباً، نقرأ أخباراً عن تهريب مخدرات إلى المملكة. بالتأكيد هناك طلب على المخدرات، ولكن من المؤكد أيضاً أن العرض يسهم في خلق الطلب. والعرض الذي نتحدث عنه يتم بطرق شيطانية! فالمروجون والمتاجرون بالمخدرات يتغلغلون في أوساط المراهقين والشباب ويغرونهم بتعاطي المخدرات بالمجان حتى يصلوا معهم إلى حالة الإدمان الكامل، ثم تبدأ بعد ذلك عملية الاستغلال البشع اللا إِنساني لهؤلاء المدمنين الذين يبدأون في البحث عن المخدرات بأي ثمن بما في ذلك كرامتهم وشرفهم أحياناً! ومن أساليب المروجين للمخدرات وضع الحبوب المخدرة في مشروبات يتناولها المراهقون والشباب في الحفلات العامة دون علمهم. وبالتدريج يقعون في الإدمان، ويبدأ المروجون والمتاجرون بالمخدرات في استغلالهم. إن الذين يقومون بتهريب المخدرات إلى المملكة ويروجونها لا يبحثون فقط عن المدمنين الذين يطلبونها ويبذلون الغالي والنفيس من اجلها، ولكنهم أيضاً يلعبون على جانب «العرض» وليس «الطلب» فقط! عرض المخدرات يولد الطلب عليها، وعصابات المتاجرة بالمخدرات تستغل ذلك لتجني المال الذي ليس هو خسارتنا الوحيدة، بل إنه خسارة هيّنة إذا ما قارناها بالخسارة الكبرى وهي خسارتنا لشبابنا! يجب أن نتعامل مع هؤلاء المهربين والمتاجرين والمروجين بكل قسوة، فهؤلاء مجرمون حقيقيون لا يستحقون الرحمة. ويجب فضح شركائهم الموجودين بيننا فهم أكثر إجراماً من الأفغاني والباكستاني المسكين المغرر به الذي يدفعه فقره وجهله إلى إدخال المخدرات للمملكة مع أن ذلك لا يعفي، بالطبع، أي مهرب من تطبيق القانون بحقه.