أعلنت وزارة التربية والتعليم عن إجراء فحوصات على المعلمات المتقدمات للعملية التعليمية والتأكد من سلامتهن من تعاطي المخدرات. وهو خبر عابر ربما يثير الدهشة لوهلة بسؤال صغير: لماذا المعلمات؟ وهو سؤال ليس حقيقيا، فالحقيقي أن آفة المخدرات استفحلت لدرجة أنك لم تعد قادرا على الاستثناء، حيث تورط الكثيرون في شرك المخدرات وما تعلن عنه وزارة الداخلية من إحباط عمليات تهريب المخدرات بكميات تتفاوت ضخامتها ونوعيتها وقيمتها، وهناك عمليات يتم إحباطها تقدر قيمتها بمئات الملايين، وقيمة المخدرات المهربة تدل على استهداف البلد كسوق رائجة لتمرير تلك الكميات، مما يجعل من المملكة سوقا مستهدفة يسعى فيها المروجون لتلبية احتياجات المستهلكين (والعمل أيضا على اتساع أو ارتفاع نسبة المدمنين). كما أن القيمة والكميات المضبوطة تعطي دلائل أخرى أهمها أن هناك مستهلكين للمخدرات يفوق عددهم ما نتوقعه، بدلالة أن الكميات المقبوض عليها تتزايد أحجامها، وغالبا يكون القبض على القليل وليس على الكثير. ومع افتراض وجود المستهلك لكل هذه الكمية (الظاهرة) فإن الامر يستوجب الالتفات إلى الجهة الأخرى، وهي المستهلك، ماذا فعلنا من أجل معالجة المستهلك؟ فمنذ زمن بعيد ونحن نرفع شعار مكافحة المخدرات، وهي مكافحة أمنية في المقام الأول بينما بقية وسائل المكافحة يعتريها القصور وليست بالكفاءة المطلوبة، فأوضاع المدمنين تشير بصورة واضحة إلى تواضع الإمكانات المقدمة سواء كعلاج أو متابعة. ومشكلة هؤلاء المدمنين التخلي عنهم صحيا واجتماعيا، فالتخلي الصحي يتمثل في قصور تصفية الجسد من أثر المخدر بحيث لاينهض العلاج الصحي بدوره كاملا مما يمكن المدمن من العودة إلى الإدمان مرة ثانية وثالثة، وفي الجانب الاجتماعي يتم إقصاء المدمن والتخلي عنه في عدة مستويات أهمها التوظيف وقطع العلاقات الإنسانية به. ومن المفترض نهوض الجهات المعنية بعلاج المدمن بنفس القوة والصرامة المتبعة أمنيا في عدم تسلل هذه المخدرات لداخل البلد، بل يجب أن تكون حماية المستهلك لها أكثر نشاطا وعزما كون المدمن في الداخل أي أنه هو الذي يخلق السوق، فلو تم علاج المدمن فلن تكون للمخدرات سوق.. الأمر الآخر يتعلق بحماية غير المدمنين وخاصة الشباب والشابات بتكثيف التوعية وأن لا تقتصر هذه التوعية على فترات زمنية متباعدة. والملاحظ تفشي المخدرات مما يعني أننا نعيش في خطر حقيقي وأن المستهلك لهذه المخدرات قد زادت نسبته أكثر مما كنا نتوقع، وإذا صح هذا التوقع فإن الأمر يستوجب مراجعة آليات مكافحة المخدرات بصورة جذرية.. وإذا كانت وزارة التربية والتعليم طالبت بفحص المعلمات المتقدمات فعليها أن تتم مشروعها بفحص من هم على رأس العمل وعلى طلاب المرحلة الثانوية وأن تكون خطوتها هذه محفزة لبقية الوزارات في إخضاع منسوبيها لهذا الفحص فالبلاء قد عم. للتواصل أرسل sms إلى 88548 الاتصالات ,636250 موبايلي, 737701 زين تبدأ بالرمز 159 مسافة ثم الرسالة [email protected]