إن المتابع لسياسات الولاياتالمتحدةالأمريكية الشرق أوسطية، أو العربية يلاحظ مدى الازدواجية والمخادعة للقانون الدولي والمراوغة التي تتسم بها سياساتها منذ نهاية الحرب العالمية الثانية وإلى اليوم في إتون ما يعرف بالربيع العربي، طبعاً مروراً بالصراع العربي الإسرائيلي وجوهره القضية الفلسطينية، يُضاف إلى ذلك بقية القضايا المتفجرة من أزمات تشهدها المنطقة يتصدرها، أمن الخليج، والنووي الإيراني، ومستقبل كل من العراق وسوريا واليمن وليبيا والسودان، وبقية منظومة الدول العربية. لا شك أن القاعدة الذهبية التي تحكم سياسات الولاياتالمتحدة وغيرها إزاء قضايا المنطقة والعالم، هي تحقيق مصالحها الإستراتيجية والحيوية في منطقتنا العربية وغيرها من مناطق العالم، فلا يوجد في السياسة صداقات دائمة ولا تحالفات دائمة إلا بمقدار توافق هذه الصداقات والتحالفات مع تحقيق الغاية منها الكامنة في المصالح الدائمة. لذلك من السذاجة السياسية أن يعتقد البعض أن هناك صداقات أو تحالفات دائمة، والشواهد على ذلك كثيرة، وكما أن الصداقات والتحالفات غير دائمة، فإن النزاعات والصدامات أيضاً غير دائمة، فقد تعلو حدتها أو تنتهي وتشهد حلولاً وتوافقات إذا ما تحققت المصالح والغايات محل الصدام أو النزاع. لم يكن يخطر ببال بعض أصدقاء أمريكا من الزعامات والقوى في المنطقة العربية والشرق أوسطية أن تنقلب عليها الولاياتالمتحدة بهدف تجديد تلك القوى والنظم التي كانت تقف على رأسها تلك الزعامات، انطلاقاً من اعتقادها أن حجم التوافق مع سياسة الولاياتالمتحدة بالغ لدرجة عدم قدرة الأخيرة على الاستغناء عنها لكن التجربة أثبتت، أن غايات التجديد وضمان استمرار تلك المصالح وبصورة أفضل إخراجاً، اقتضت التغيير السريع والمفاجئ للبعض، ومن أبرز الأمثلة على ذلك، رفع الغطاء الأمريكي عن شاه إيران نهاية سبعينات القرن الماضي واتهامه بانتهاك حقوق الإنسان والتشهير بأجهزته الأمنية من سافاك وغيرها، ليمهد الطريق لما عرف بالثورة الإسلامية، ووصول الملالي إلى حكم طهران، بعد أن كان شاه إيران يمثّل إحدى الركائز الأساسية للسياسة الأمريكية في الشرق الأوسط والخليج، ومن ثم إدارة الصراع الإيرانيالعراقي وما انتهى إليه من نهايات سوداوية على المنطقة، وتقاسم النفوذ في العراق بين إيران الملالي وأمريكا... إلخ، وما يدور من مفاوضات الآن حول موضوع النووي الإيراني واستيعاب إيران كقوة إقليمية في المنطقة... إلخ، وما يدور من سياسات متناقضة إزاء الأزمة السورية وغيرها من أزمات المنطقة، ومراوغات السياسة الأمريكية إزاء القضية الفلسطينية والصراع العربي الإسرائيلي منذ عام 1967م وإلى اليوم وهي تصر على أطراف الصراع أن يجري حله بالمفاوضات المباشرة بين أطرافه، وخصوصاً الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي وبعيداً عن الأممالمتحدة وأجهزتها، في حين نجد الولاياتالمتحدة لم تتورع من اللجوء إلى مجلس الأمن عندما يكون في صالح سياساتها اللجوء إلى مجلس الأمن للتغطية على تدخلها السافر في كثير من القضايا والنزاعات الدولية، مثل البلقان، وليبيا، والعراق... إلخ. إن هذه السياسة الأمريكية المتجردة من الأخلاقيات ومن الاحتكام إلى مبادئ الأممالمتحدة، وقرارات الشرعية الدولية، وقواعد القانون الدولي العام، التي استقرت وتحمي حقوق الشعوب والأفراد والدول على السواء، هي السبب الرئيسي في إشاعة حالة الفوضى في العلاقات الدولية القائمة، وحالة انعدام الأمن والاستقرار في كثير من المناطق وفي مقدمتها المنطقة العربية والشرق أوسطية على السواء، إن إيجاد التوازن بين القوى المختلفة على المستوى الدولي، وإفقاد الولاياتالمتحدةالأمريكية دور القطب الأوحد، سوف يمكن من إعادة الاعتبار للأمم المتحدة ومبادئها، ولقرارات الشرعية الدولية، ويعيد الاحترام لقواعد القانون الدولي العام الذي يجب أن يفعل في حل الأزمات والصراعات الدولية وفي مقدمتها القضية الفلسطينية أم القضايا في المنطقة العربية، وجميع أزمات المنطقة.