من علامات صحة المجتمعات أن تُضَخ مؤسساتُها بالخبرات الحديثة، بما فيها عناصر الشباب. ومع أننا نؤمن بضرورة الاستفادة من ذوي الخبرة، إلا أن الفرص حين تعطى لمقتبلي العمر، ولحديثي الخبرة، ولمتوقدي النشاط، فلسوف تُمَد قطاعات المجتمع بكثير مما يحتاج إليه في نقلاته الجديدة؛ ذلك لأنهم الأقدر على تفهُّم حاجات الشرائح المختلفة بما لديهم من إضافات، ومستجدات تنبع من الواقع الذي يعيشونه؛ فكل جيل، وكل مرحلة لها سماتها، ولا يدركها غير قبطاناتها.. فأن تضخ عروق المجتمع بنوعية من الجيل الجديد من ذوي العلم، والمعرفة، وتنوع الاختصاصات، وطموح الشباب، ممن يمتلئون بالرغبة في التطوير، والميول للعمل، والانتماء للمؤسسة، فإن غداً مشرقاً أكثر سيؤول إليه حصاد هذه المؤسسات.. ومن ثم المجتمع كله.. إنني أعزو تخلف عجلة التطوير في مؤسسة ما إلى ترهلها بالمتقدمين سناً، أولئك الذين أعطوا وكلوا، وبذلوا وملوا، وخفتت فيهم وقدة الحركة، ووهن العظم منهم.. لذا كنت أتطلع للأفراد الذين أمضوا سنوات خبرة ثلاثين عاماً أن يضعوا عصيهم، ويتجهوا صوب البحر.. ليس بحر الماء، بل بحر المدى الزاخر، والشاسع بآماد التجربة، وحكمة التأمل.. ليعيدوا صياغة كل ذلك، ويمنحوه لهؤلاء بأريحية المشورة، وود العطاء، وليتركوا المقاعد لهؤلاء الشباب.. مجتمعنا بدأ ينحو لهذا التوجُّه، وزادنا أملاً فيه ما صرَّحت به وزارة الخدمة المدنية مؤخراً من أنها تدرس نظاماً جديداً، تعتمد فيه المفاضلة، وأول معاييرها الشباب بخبراته المتوقدة..!!