لا يبدو من خلال الاستقصاء واستطلاع الكثير من وجهات النظر أن الشباب اليوم كشباب الأمس.. هناك الكثير من التطلعات والطموحات التي بات الشباب يتصارع ويقدم الكثير من التنازلات الشخصية في سبيل الحصول عليها.. هناك من يريد تحقيق هوية ثقافية وهناك من يريد تغيير الطابع السلوكي للشباب.. بيد أن هناك من يشكك في قدرة الشباب على تحمل المسئولية، ونجم هذا التشكيك مما يبدر منهم من تصرفات وسلوكيات مشينة يصل بعضها إلى حد التهور والانحلال، وإن كان يصدر من قبل بعض هذه الفئة. السلوك غير المسئول يعدد محمد الخالدي (تربوي) هذه التصرفات قائلاً أهمها السلوك غير المسئول في عدم تحمل المسئولية في إشارة إلى التهور في قيادة السيارات والتفحيط الذي ينتج عنه زيادة الحوادث (آخرها ما حدث قبل عدة أيام في احد الاحياء الدمام)، وكذلك ازدياد حالات المغازلة في الأسواق، وأهم هذه الحالات تزايد حالات التسكع والرسوب في المدارس وعدم الاهتمام بالمستقبل. المسألة نسبية وينبري الشباب للرد على مثل هذه الاتهامات وغيرها إذ أن المسألة لا تعدو عن كونها نسبية بحسب الشاب خالد القحطاني الذي يقول من العسف أن نتهم جميع الشباب بالتهور والتسيب وعدم الانضباط، لأن هناك قسما كبيرا من الشباب الواعي والذي بدأ يخطط لمستقبله، فكيف نتهم جيلا بأكمله بهذه الاتهامات في الوقت الذي يتغافل المجتمع عن قطاع كبير منهم، على طريقة المثل القائل (الخير يخص والشر يعم)، مؤكداً ان مثل هذه الأمثال وتوابعها ينبغي أن تختفي من المجتمع، فإذا كانوا يحاسبون الشباب على تهوره فعليهم أيضاً أن يثيبوهم على تقدمهم وانضباطهم وحسن سلوكهم. مسؤولية الشباب أما الشاب حسن الغماري (موظف) فيضع نسبة تقريبية لعدد الشباب غير المسئول ويقول إنهم قد لا يتجاوزون 30% من عموم الشباب، وهي نسبة قد تكون مبالغا فيها بالنظر إلى أننا لو أخذنا شريحة معينة من المجتمع (أي تجمع يتكون من 10 أشخاص) هل من المعقول أن يكون من ضمنهم 3 متهورين أو غير مسئولين. بيد أن الغماري عاد وقال إذا افترضنا أن النسبة صحيحة أو أنها أكثر من ذلك فهل يبقى كل الشباب تحت رحمة هذا الاتهام؟ وإلى متى سيبقى هذا السيف مسلطا في وجوههم. ويرى الغماري أن هناك جيلاً من الشباب الواعي الذي يرفض أن ينزع جلده الحقيقي الذي يعتمد على الأخلاق والتربية الفاضلة، مؤكداً إن هذا الأمر يصعب تحقيقه لدى كل الشباب، لأن الكثير منهم ينزع نحو التقليد ولا يرغب في الالتزام بالعادات والتقاليد التي قد يعدها شيئاً متخلفاً. سألناه إذا كنت تعتقد بأن هناك 70% من الشباب المسئولين فما هو دورهم تجاه أقرانهم؟ فقال إنه من الصعب أن تذهب لشباب لا تعرفهم وتعطيهم أي نصيحة لكن المقبول أن يتوجه الشاب لأقربائه وأصدقائه، ولو استطاع كل شخص أن يمارس دوره تجاه المقربين منه لاستطعنا تخفيض النسبة إلى أدنى حد، متسائلاً بقوله هل الشباب يطبقون هذه الفكرة؟ ويجيب بقوله لا شك أن الكثيرين لا يمارسون هذا الدور! نشاطات غير مناسبة فيصل العتيبي شاب لديه طموحات كثيرة ويرغب في المشاركة في الفعاليات الاجتماعية والثقافية لكنه لا يجد من ينصت إليه، بل يقول ليس هناك أنشطة اجتماعية مناسبة لجيلنا.. قلت له هناك الأندية الصيفية على سبيل المثال، فسرعان ما كان جوابه بالقول إنها تقتصر على تحفيظ القرآن وبعض البرامج التي لم تعد مناسبة لنا.. ويضيف في السابق عندما كنا في الصفوف المتوسطة شاركنا في مثل هذه البرامج ولكننا الآن بحاجة إلى برامج أكثر حيوية ومناسبة لطاقاتنا وكفاءاتنا.. إنها باختصار برامج غير قادرة على اجتذابنا. إحباط سعيد السالم يؤكد ما قاله العتيبي ويضيف إن الكثير من الآباء وكبار السن لا يقدرون عمل الشباب فمهما عملنا وقدمنا من برامج وأفكار تخدم المجتمع فإننا نظل (شباب عوده طري) كما يقال. ويؤكد السالم قائلاً إن جزءاً كبيراً من جيل الآباء في مجتمعنا لا يقدمون شيئاً مفيداً في الوقت الذي لا يعطونا الفرصة لإثبات الذات وتقديم الأفضل، وفي الكثير من المشاريع يستبعد الشباب رغم وجود طاقات وكفاءات ويقدم الكبار حتى لو لم تكن الخبرة متوفرة. وفي ظل هذا التوجه يتساءل السالم كم من الإحباط يصاب به الشاب إذا وجه بهذه الطريقة. إن الكثيرين يصابون بانتكاسة اجتماعية والكثير منهم ينزوي عن تقديم عطاءاته الاجتماعية. ومن جهة أخرى يرى السالم أن هناك بعض شرائح المجتمع عندما يرون الشباب وقد مسكوا زمام الأمور في المشاريع الاجتماعية فإنهم يتنحون عنهم، ويبتعدون عن مد يد العون لهم، وهنا تحدث الفجوة بين الجيلين مما يؤدي إلى عدم تنامي خبرة الشباب وفي المقابل عدم استفادة المجتمع منهم الاستفادة الحقيقية. ضرورة الالتقاء بين الأجيال أما القاص جمال الميبر فيقول إن نظرة المجتمع إلى الشباب هي بلا شك سلبية، لكن هناك قطاعاً من المجتمع يرى عكس ذلك، فالأشياء تظل نسبية بين الفريقين. ومن جهته يقول هناك قسم كبير من الشباب ما فوق العشرين يضيع بين الفريقين، فلا هو محسوب على الشباب ولا هو محسوب على الكبار. ويؤكد الميبر أن قضية الصداقة بين الأب والشاب غير موجودة وهو الأمر الذي يضيع فرصاً كبيرة لالتقاء الجيلين، ومحاولة التواصل أمر مطلوب حتى نسد الفجوة بينهما. ويتناول القضية من جهة أخرى ويقول لعله يمكن الجزم بأن الأحداث التي عصفت بالمجتمع في الفترة الأخيرة قد تجعل الفريقين في أمس الحاجة للالتقاء، لأن الفرقة وازدياد الهوة يجعل المجتمع أكثر تصدعاً وقابلية لأي انهيار، وهو ما نرفضه نحن الشباب. مؤكداً إن تواصل الأجيال أمر مطلوب فمهما بلغ الشباب من شأن وشهادات عليا لا بد له من الاستفادة من تجارب الآباء. وفي المجال الثقافي يقول الميبر لاحظت في الفترة الأخيرة اتجه الكثير من الشباب للإنترنت الثقافية للتزود بالمعلومة والفكرة والانغماس في الوسط الثقافي عبر هذه الوسيلة الساحرة، وإن كان دخول الشباب بأسماء مستعارة سواء كتابة أو مشاركة بالرأي إلا أن هذا الأمر يعود إلى عدم وجود الثقة بالنفس وهو أمر قابل للزوال كما شاهدنا في بعض المواقع التي بدأت لا تسمح سوى بالأسماء الحقيقية. الخوف الأسري شيماء آل إسماعيل باحثة اجتماعية ترى ان قطاعاً كبيراً من الفتيات يرغبن في المشاركة في الفعاليات الاجتماعية وحتى الثقافية لكن نزعة الخوف لديهن تمنعهن من ذلك مؤكدة إن أهمية دور المؤسسات تنبع من هذا الجانب، حيث لا بد عليها أن تنظر إلى هذا الجانب النفسي لدى الفتيات، خاصة وأن كثيرا من الأسر ترفض أن تدفع ببناتها إلى العمل الاجتماعي، وهو ما ينبغي الالتفات إليه. وتؤكد آل إسماعيل على أهمية التوعية في الندوات والمحاضرات التي تقيمها الجمعيات الخيرية وبعض المؤسسات الأدبية والثقافية على هذا الأمر، لكي تشعر الأسرة بالأمان عندما ترغب بمشاركة الفتاة في هذه الأنشطة وهي تطوعية بالدرجة الأولى. هل الفتاة تهتم بتثقيف نفسها وتنمية مواهبها الفكرية والثقافية تقول آل إسماعيل لا تختلف الفتاة كثيراً عن الشاب، فهي مقصرة كثيراً في هذا الجانب، ولكن الأسرة تتحمل دوراً كبيراً، فيمكن للأسرة أن تدفع الفتاة للقراءة بمثل ما تدفع الشاب، وكذلك في الممارسات الثقافية الأخرى. التلفزيون ودور آخر أما فيصل العتيبي فيقول عن المشاركة الثقافية إن التلفاز يأخذ نصيباً كبيراً منها، فهناك الكثير من البرامج الثقافية تعرض، لكن المشكلة أن التجمعات الشبابية لا تتيح لنا فرصة الاستمتاع والفائدة من هذه البرامج، إذ أنك ما إن تحاول مشاهدة برنامج ثقافي حتى تتهم بأنك متخلف أو معقد؟ أما كيف نزيل هذه الفكرة فيقول العتيبي إنها ربما تأتي بالتدريج من خلال التأثير على بعض الأصدقاء ذوي الميول المتشابهة. ومن ناحيته يقول لم أتعود على القراءة من خلال الكتاب ويرجع الأمر في هذا المجال للأسرة فهي التي بإمكانها أن تزرع حب القراءة منذ الصغر. أما عن حضور المجالس الثقافية والأدبية فيخشى العتيبي من دخولها ويقول كيف أدخل مثل هذه التجمعات وأنا لا أكاد أملك مخزوناً ثقافياً يؤهلني للمشاركة في مثل هذه التجمعات، على الرغم من أن بعض أصحابي يشاركون فيها. وهو عندما يشير إلى ذلك يقصد قطاعا واسعا من الشباب الذين يخشون من المشاركة لأنها تعطيه نوعاً من المسئولية وهو غير قادر على تحملها. عدم اهتمام الأندية بالشباب ويتهم حسن الغماري الأندية الأدبية والمؤسسات الثقافية بالشللية وأنها لا تهتم سوى بطبقة معينة هم الأدباء والمثقفون أما الشباب فإنه لا مكان لهم.. وإذا كانت هذه الأندية تحتضن الشباب كما تدعي فأين الإعلان، مؤكداً إن إعلانات المطاعم أقوى من إعلانات الأندية الأدبية. سعيد السالم يرى أن هناك أنشطة ثقافية كثيرة في المجتمع ولكن الشباب لا يشارك فيها بشكل فعال، ولكن من جهة أخرى فإن منحى الحوار بدأ يأخذ توجهاً سائداً في المجتمع بين مختلف الشرائح وعلى الشباب أن يثبت بأنه قادر على تحمل المسئولية في هذا المجال، وإذا كان يرغب في إثبات هويته فعليه أن يساهم في الحوار مع الأجيال الأكبر منه سناً، ولعل الحوار الوطني الحالي المختص بالشباب فرصة لهم لكي يقولوا كلمتهم بكل صراحة ودون خوف. الخمول والكسل الكاتبة عالية آل فريد والتي ستشارك في المؤتمر تقول إن حياة البذخ والترف التي يعيشها بعض أبناء المجتمع تدفع الكثير من الشباب إلى النزوع نحو الخمول والكسل وبالتالي نشوء الممارسات الخاطئة، فهو يكره التعب والجهد بعكس جيل الآباء والأجداد الذي نشأ على حب العمل والنشاط. فهو لم يمارس أي دور أو مسئولية فكل شيء سهل ويسير أمامه وفي متناول يده، إذ أن أسرته تعطيه كل شيء. ومن جهة أخرى تذكر آل فريد سبباً آخر وهو الحداثة التي غزت مجتمعنا، إذ أنها سبباً رئيسياً في خلخلة البنية الاجتماعية، وساهمت بشكل كبير في تفكك الأسرة وجعلت الشباب يجنحون بأنفسهم في واد آخر منغمسين مع الأجهزة العصرية وما يعنيه ذلك من اقتباس قيم جديدة والتلبس بأخلاق مغايرة لا تنسجم مع أخلاق مجتمعنا. وهو ما أدى إلى نشوء تباعد بين المجتمع والشباب ودفع الفريقين لعدم الاهتمام بالطرف الآخر. وفي ظل تخصيص آلية الحوار الوطني الحالي للشباب ترى أن هناك كوة في سبيلها للانفتاح أمام الشباب، ولكن الدور الرئيسي يتعين على المثقفين والمفكرين وأصحاب الشأن بأن يجعلوا للشباب دوراً حقيقياً يثبتوا من خلاله أنهم قادرون على تحمل مسئولياتهم. عدم تقدير الطاقات الفنانة التشكيلية إيمان آل صخي تقول ليس هناك في المجتمع توجه سليم لإبراز الطاقات والتعامل معها بشكل يفيدها ويفجر المزيد منها، بل هناك في المقابل عدم تقدير، ولو امتدت يد العون للشباب لاستطاعوا تحقيق الكثير من طموحاتهم. ولكن في المقابل ترى آل صخي بأن ما يعيب أغلب الشباب بأنهم ينتظرون الفرصة أن تدق عليهم الباب وهو ما لا يحدث أبداً. وعن مشاركة الشباب الثقافية تقول إنهم لا يشعرون بأهمية الثقافة نظراً لأنهم يرون الكثير من المثقفين لا يقدمون شيئاً لهم، ولكن ينبغي القول إن هناك الكثير من الطاقات الشبابية ترغب في الظهور لكنها لا تجد من يساندها، وفي هذا المضمار تتساءل أين الهيئات والمؤسسات الثقافية التي تحتضنهم؟ سألناها من هو المسئول تجاه هذه الدورة غير معروفة الاتجاه قالت بالدرجة الأولى الشباب لا بد أن يبرزوا انفسهم ثم يأتي دور المؤسسات الثقافية. عالية آل فريد شيماء آل إسماعيل