في مشهد لقطه أحد المارين من المواطنين لطبقين كبيرين مليئين باللحم «المفطح» على قارعة طريق تتداوله مواقع إخبارية افتراضية..... وآخر نشاهده كثيرا جوار أوعية النفايات في أحياء كثيرة بما فيها الراقية.. بينما نعلم أن هناك جماعات تقوم بتنظيم مشاريع جمع اللحوم, وبقايا أطعمة المناسبات، ومنهم من يؤسس ثلاجات في الأحياء ليتناول منها المارة من المعوزين في رمضان, وغيره ما يسد حاجتهم، ويجنبهم الفاقة وذل المسألة.. وتطالعنا مشاريع رعاية الحيوان، وإيوائه تقوم بها ثلل من فتيات، وفتيان الوطن,.. ومنهم من يمر كل ليلة بعد أن ينام الناس ليضع للحيوانات الأليفة الفارة، والشاردة طعاما جوار أوعية النفايات مأوى جوعها, أو على الأرصفة حيث يجدونها..., ونقارن بين أولئك المبذرين، وهؤلاء الرحيمين.. لنجد أن مفهوم النعمة, واحترام رعايتها لا يزال جهدا فرديا لا تأسيسا تربويا.. وقد قال الشاعر: إذا كنت في نعمة فارعها فإن المعاصي تزيل النعم ومن المعصية نكران النعم بإهمالها.., والتفريط فيها، والاستهتار بفائضها,.. ونسيان الفقير, والمحتاج، وابن السبيل ليكون له فيها نصيب.., ومن ثم هذا المنظر الذي يتكرر كثيرا ونحن تشاهد كميات الأكل بعد الدعوات الفارهة على الأرصفة،.. هذا المسلك لا يشوه المنظر، والمكان فحسب، بل يخدش الإحساس النقي، ويحرض الشعور بالخشية من أن تزيل معصية التفريط نعمة الرزق عن المفرطين.., ومن ثم ما قد تلحق به العقوبة أفرادا آخرين «فاللهم لا تؤاخذنا بما يفعل السفهاء منا».. التفريط في النعم سفه وأي سفه.. لا يزال سلوكا بين كثير من الناس لا يقف أمره عند التفريط بالأكل، بل في البذخ العام على أصعدة أخرى في حياة الناس الخاصة، والعامة.. بينما يشكو الخصاصة كثيرون.. وعلى جانب مشرق آخر هؤلاء الرحماء الذين يجعلون للفقير وللضال من الحيوان والطير نصيبا من مالهم وإحساسهم وعملهم ووقتهم.. فاللهم بارك في شبابنا الذين يوظفون شعورهم نحو الخير برعاية من لا حول له، ولا لسان يعبر فيه عن جوع، أو عطش من طير ساقط، وحيوان شارد، وكبد جائعة عطشة.., والعناية بإنسان فقير, وعارٍ سقيم..., وكل ذي حاجة. هؤلاء الرحماء موسرين كانوا, أو ممن {يُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ} (9) سورة الحشر».., وجهان للإنسان..!!