يقول الله عزّ وجلّ: {لِإِيلَافِ قُرَيْشٍ إِيلَافِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتَاء وَالصَّيْفِ فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ الَّذِي أَطْعَمَهُم مِّن جُوعٍ وَآمَنَهُم مِّنْ خَوْفٍ}. إنّ مفاد الآية الكريمة يؤكد أحقية العبودية لله عزّ وجلّ بعد توفر أهم عناصر الحياة: الإطعام، والأمن. وجاء قول المصطفى صلى الله عليه وسلم: «من أصبح معافى في بدنه آمناً في سربه عنده قوت يومه فكأنما حيزت له الدنيا بحذافيرها»، ليُبسط مفهوم الحياة الحقة للعباد، وأنّ مجرد حيازة القوت والعيش بأمان هما معاني السعادة الحقة ومقتضى العيش المُبتغى. ويحضر في هذا السياق كفالة استمرار العيش الرغيد بإظهار شكر وحمد هذه النعم، والتبتل لرضى رب العباد بالحمد الجزيل والشكر العميم على ما أنعم علينا من نعم وخيرات. وهاتان النعمتان (الإطعام والأمن) بعد نعمة الإسلام هما تاج النعم التي لا تُعد ولا تُحصى. وإذ نستحضر قدرة الله وعظمته وتفضُّله علينا بهذه النعم ونحن نتفيأ الأمن والاطمئنان في ظل مملكتنا الغالية مملكة التوحيد المملكة العربية السعودية. منذ أن بدأت بدعوة الإمامين محمد بن سعود ومحمد بن عبد الوهاب. وامتدت تحت لواء لا إله إلا الله محمد رسول الله. وتوحيد مشارق الجزيرة مع مغاربها وجنوبها عانق شمالها. حتى لحظة التأريخ، على يديْ الإمام الفذ عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود والرجال الذين سطّروا ملحمة الحق المبين في دخول الرياض عام 1319ه. وتسجيل عهد الدولة الفتية المتسلحة بعقيدة التوحيد ومعالي القيم. وعلى امتداد العصور وحتى وقتنا الحالي في هذا الظرف الدقيق وسط المتغيرات المتلاحقة، وما يعيشه العالم من فتن واقتتال وعنف وفقر وفرقة وعدم استقرار، تبقى راية العز شامخةً ترفرف على ربوع مملكتنا الغالية، بأمنها وأمانها ورغد عيشها. نتفيأ ظلالها. ونحن نتقلب في صنوف النعم في عهد الملك العادل خادم الحرمين الشريفين عبد الله بن عبد العزيز وولي عهده الأمين وولي ولي العهد، نتذكر قول الله جلّ شأنه في محكم التنزيل: {.. لَئِن شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ ..}. {وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُواْ وَاذْكُرُواْ نِعْمَةَ اللّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاء فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا} .. وفي آية أخرى: {وَلاَ تَكُونُواْ كَالَّذِينَ تَفَرَّقُواْ وَاخْتَلَفُواْ مِن بَعْدِ مَا جَاءهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُوْلَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ}. فلنحافظ على هذه المكتسبات العظيمة التي منّ الله بها علينا، ولندافع عن لحمتنا وديننا وكل ما يكفل لنا حفظ هذه الجغرافيا الآمنة، ولنتذكر قول نبي الأمة صلى الله عليه وسلم: «من لا يشكر الناس لا يشكر الله». رحم الله رجال هذه الدولة العتيدة الذين توفّاهم الله، وأوسع مدخلهم واغسلهم بالماء والثلج والبرد، على ما قدموا من تضحيات وجعلها في ميزان حسناتهم، ورزق الأحياء منهم صدق القول وحسن العمل. حفظ الله بلادنا وولاة أمرنا وعلمائنا ورجال أمننا من كل سوء، وأدام علينا هذه النعم ورزقنا شكرها.