منطقة سدير هذا الكتاب التاريخي الذي مهما كتب عنه فلا يزال يحفل بالأحداث والمآثر التي جعلت منه إقليماً متميزاً بأرضه ورجاله وأعماله. وأجد من الصعوبة والإطالة ذكر جميع ما سجله المؤرخون والأدباء سواء من أهالي سدير أو من خارجها ابتداءً من العصر الجاهلي ثم العصر الإسلامي المشرق وقبل وبعد الدولة السعودية الأولى والثانية والثالثة وهذا العصر الزاهر بقيادة خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده الأمين والذي تميز بإعطاء هذه المنطقة بمدنها وقراها أهميتها ونهضتها في كافة المجالات ذات الصلة بالمواطن ورفاهيته. لذا سوف أقتصر على إيراد ما خطه المؤرخون القدماء عن هذه المنطقة ولأن أحداثه قد سجلت في من أتى بعد ذلك. أذكر أنني عملت إحصائية سريعة عن عدد العلماء والقضاة والمؤرخين قبل دعوة الشيخ محمد بن عبدالوهاب رحمه الله فتجاوز ذلك سبعين عالماً وخمسة مؤرخين بخلاف علماء في اللغة العربية والشعر والأدب، وتميز هذه المنطقة بسلامة المعتقد وعدم وجود البدع والخرافات وتصدي العلماء لها، وهناك العديد من الكتب العلمية وبعضها لا يزال يدرس في جامعاتنا. أما حدود هذه المنطقة: 1 - أشار المؤرخ الإنجليزي لوريمر في كتابه دليل الخليج أن صحراء الدهناء تحد منطقة سدير من الشرق ويحدها من الشمال النفود الذي يمر بين جبل طويق والقصيم، ومن الغرب يحدها وادي الجريفه الذي يفصلها عن منطقة الوشم ومن الجنوب يحدها وادي العتك الذي يفصلها عن منطقة الرياض. 2 - وفي كتاب تاريخ نجد لابن غنام أن وادي العتك هو الفاصل بين منطقة سدير ومنطقة المحمل من الجهة الجنوبية. 3 - وفي معجم اليمامة يذكر ابن خميس أن منطقة سدير يحدها من الجنوب وادي العتك ومن الغرب جبال طويق ومن الشمال المرتفعات على روضة السبلة، ومن الشرق جبل مجزَل وأن المواقع المحاذية لهذه الحدود شرقاً وغرباً يمكن إلحاقها إدارياً بالمنطقة. 4 - في خارطة قامت بإعدادها محافظة المجمعة كما هو واضح في الصورة رقم (1) كما أن منطقة سدير يحدها من الشمال المنطقة الشرقية ومنطقة القصيم، ومن الجنوب محافظة ثادق ومحافظة شقراء ومن الشرق محافظة رماح ومن الغرب محافظة الزلفي، وتبلغ مساحتها ثلاثين ألف كيلو متر مربع، وعدد سكانها يزيد على مائة وخمسين ألف نسمة وبجانب محافظة الغاط هناك ما يزيد على سبعة وثلاثين مركزاً تمثل مدن سدير العريقة ويتضح مسميات هذه المراكز ضمن البيان رقم (2). مسميات بعض مدن سدير وتواريخ نشأة كل مدينة والمراحل التي مرت عليها، ويتضح من هذا البيان أن هناك مدناً نشأت قبل العصر الإسلامي وامتد تطورها في مراحل لاحقة بعد العصر الإسلامي وذلك يعطي دلالة على أن منطقة سدير ذات الجذور التاريخية القديمة لابد أن تتجدد ويرجع لها أهلها مهما تباعدت الأزمان والشواهد التاريخية ثابتة حتى يومنا هذا وعذراً في عدم إكتمال بعض المعلومات عن بعض المدن لعدم توفرها، لكنها تبقى سجلاً أثرياً وتاريخياً يحكي للأجيال دور الأجداد في أحداث ومؤثرات كل مدينة بذاتها، ورجوعاً إلى ما كتبه المؤرخون القدماء أمثال الحربي والهمداني والأصفهاني وياقوت الحموي ومن أتى من بعدهم من المؤرخين مثل الشيخ حمد الجاسر والشيخ عبدالله بن خميس وغيرهم كثير قد سجلوا لنا تاريخ إنشاء هذه المدن ومواقعها الجغرافية والقبائل التي سكنتها وأسباب تسمية هذه المنطقة ( سدير). 1 - أشار الهمداني المتوفى سنة 334ه إلى أن ذا سدير واد لبني ضنَه من قضاعة من قحطان (القلقشنري) في كتابه نهاية الأدب. يقول الشاعر: ألك السدير وبارق ومبايض ولك الخورنق وبارق ماء بالطرق وقيل جبل باليمامة ومبايض شرق وادي سدير في جبل مجَزل ولا يزال يحمل نفس الاسم والخورنق قيل بلد بالمغرب أو قرية بخراسان أو قصر ما بحيره. 2 - وأشار الحربي المتوفى سنة 285ه أن بني ضنَه هم سكان وادي الفقئ الذي يمر به أحد طرق اليمامة إلى مكةالمكرمة. 3 - ويذكر ياقوت الحموي المتوفى سنة 626ه أن السدير تصغير سدر و هو موضع في ديار غطفان (من قيس بن عيلان العدنانية) ومنازلهم بين وادي القرى وجبلي أجا وسلمى. 4 - وفي موضع آخر أن ذا سدير قرية لبني العنبر وأشار الحموي أن مظاهر السخال (موضع باليمامة قريباً من وادي العتك) وادياً يقال له ذو سدير. 5 - ويذكر الأصفهاني المتوفى سنة 310 ه أن وادي سدير يسمى بالفقئ وكان بنو عوف بن مالك من جندب يسكنون فيه، وقال: إن بلدة جلاجل في ناحية الفقئ. في اعتقادي أن السرد التاريخي القديم هو المعتمد عليه مع أهمية معرفة الآراء والاستنتاجات المتأخرة من مؤرخين وجغرافيين لهم إستدلالاتهم والتي يجب أن يكون مرجعها الأول قدماء المؤرخين والمتفق على صحة وسلامة ما أوردوه. وتبقى منطقة سدير بمدنها ورجالها وتاريخها العريق رمزاً متجدداً في تاريخ بلادنا الغالية ولتشارك بقية المناطق ما تعيشه في هذا العهد الزاهر من نهضة شملت معظم مدنها وقراها..