التشكيلة الوزارية لحكومة حيدر العبادي في مراحلها الأخيرة بعد مرورها بمراحل مخاض صعبة كان أطرافها الكتل السياسية المتناحرة، وهدفها المشترك وللأسف حجم المكاسب السياسية وعدد الكراسي الوزارية ونوعيتها السيادية والخدمية دون الارتقاء لمآسي الشعب العراقي غير المحدودة من تهميش وتهجير داخل الوطن، وقصف غادر بالبراميل المتفجرة التي لا تميز بين فئات الشعب الصابر على ظلم وتسلط عهد المالكي الدكتاتور الصغير الذي مزق وحدة النسيج الوطني للمجتمع العراقي وزرع في نفوسهم الحقد الطائفي وتداعياته اللا انسانية من تهجير غير مبرر سوى لاختلاف المذهب والرغبة الإجرامية في النهب والسلب وإخلاء وسط وجنوب العراق من أشقاء الوطن (أهل السنة) وإبعادهم بقسوة نحو الهجرة القسرية إلى غرب وشمال العراقن والاستيلاء على بيوتهم وممتلكاتهم وتحملهم قسوة وذل الهجرة في داخل وطنهم وشمول الفوضى الأمنية لكل ما تبقى من الدولة العراقية. الملف الثاني يأتي متساوياً بالأهمية مع سابقه والذي له وجهان: أمني، والآخر يتعلق بوحدة التراب العراقي بعد تمثيل مسرحية عصابات ما يسمى (داعش الإرهابية) والتي ظهرت على الأرض العراقية بصورة مفاجئة لتحتل أكبر ثاني محافظة عراقية بساعتين بعد هروب سبعة فرق عسكرية قوامها ستون ألف جندي، وبإسناد مدرع يحتمي بغطاء جوي من أسراب طائرات الأباشي والتي تركت في مطار قاعدة الموصل وهرب أطقمها العسكرية وسلمت ارتال من الأسلحة الحديثة لهذه العصابة الإرهابية، والتي لا يتجاوز عدد أفرادها الألف ارهابي!! السؤال الذي يطرح نفسه (من) الذي أصدر أمر الهروب الانسحابي لقادة هذه الفرق؟ وجلهم ممن يحمل رتبة فريق ركن ومرجعهم العسكري (سيادة القائد العام للقوات المسلحة السيد المالكي). عصابات داعش المنفلتة الآن في مساحة واسعة من غرب العراق تشكل خطراً جدياً وحاداً على وحدة الوطن العراقي، وتداعيات ظهورها في هذه الفترة عديدة تخدم الجوار الإقليمي والمشاريع الدولية ومنها أن هيأت لحكومة كردستان المناخ المناسب للاستيلاء على مايسمى بالأراضي المتنازع عليها ومنها محافظة كركوك الغنية بمنابع البترول، وضمها إلى كردستان والتي كانت العقبة الصلدة بين الحكومة الاتحادية واقليم كردستان، ووضع السيطرة الكردية على مناطق واسعة من شمال وشرق الدولة العراقية وبمبرر حمايتها من سيطرة داعش عليها. أما القوى الإقليمية والدولية لم تتحرك بوجه المد الداعشي الاجرامي والذي راح ضحيته أكثر من ثلاثين ألفاً من المواطنين العراقيين بين قتلهم بقطع الرؤوس والاعدام الجماعي والتهجير العرقي والديني كما حدث للمسيحيين والأزيدية، بل تذكرت هذه القوى الدولية جرائم داعش حين تم إعدام الصحفيين الأمريكيين بقطع رأسيهما (ستيفن سوتلوف وزميله) والذي يشكل هذا العمل الاجرامي تخطياً للخطوط الحمراء لتلك العصابات المأجورة لتخريب ثورة الشام والعراق وتدمير وحدة المقاومة الوطنية، وتأجيج الفتنة الطائفية وتشويه الإسلام الحنيف بجرائمهم الوحشية. (عصايب أهل الحق الايرانية ومنظمة بدر وحزب الله) والتي ترقى لوحشية الارهاب المنظم باستهداف أبناء أهل السنة وهدم مساجدهم واعدام الأئمة والخطباء وتعليق جثثهم على أعمدة الكهرباء بحقد المنتقم الطائفي وقد تكون من أولويات حكومة العبادي القادمة تصفية عصابات داعش بدعم إقليمي ودولي وبنفس الأهمية والقوة قمع المليشيات الاجرامية وشل حركتها وحماية المواطنين من تهديدها وجرائمها الارهابية. ويشكل ملف المصالحة الوطنية وترميم العلاقات مع دول الجوار مساحة واسعة في البرنامج الوزاري المقترح للحكومة الجديدة والتي ورثت العديد من الأزمات والتشنجات بين مكونات ومناطق الوطن العراقي وحالة الجمود بل والقطيعة بين العراق وجواره الإقليمي ماعدا إيران الداعم الوحيد للمالكي ووزارته السابقة والتي كانت تتحرك بتوجيهات مندوب ايران السامي الجنرال قاسم سليماني وحسب التسريبات الإعلامية بأن ملف المصالحة الوطنية وتحسين العلاقات مع دول الجوار الإقليمي ستسند للدكتور إياد علاوي زعيم الكتلة الوطنية لما له من حنكة سياسية وعلاقات صداقة مميزة مع دول الجوار العربي والإقليمي ومن الآليات المسهلة لبلوغ هدف المصالحة والتآلف الوطني للمجتمع العراقي والذي مزقته الطائفية والحقد والانتقام السياسي الذي مارسته بأسلوب متطرف حكومة المالكي المنحلة وتركته ارثاً مذموماً لحكومة العبادي! أما ملفات الخدمات العامة من نقص الماء الصالح للشرب المفقود في معظم محافظاتالعراق وعدم توفر الطاقة الكهربائية وتوسيع الخدمة الصحية والتعليمية وشمول كل أبناء العراق للبطاقة التموينية كل هذه الملفات تحتل المساحة المتأخرة بعد تحقيق الأمن الاجتماعي والوصول إلى مرحلة توحيد التراب الوطني وتنظيفه من العصابات والمليشيات الارهابية ومحاسبة من تسبب في شيوع الفساد المالي والاداري واستغلال السلطة وتحقيق المصالحة الوطنية وسيطرة سلطة القانون واستقلالية القضاء وبالتالي تحقيق حرية القرار السياسي من كل نفوذ اقليمي ودولي!! إنها الفرصة الأخيرة لترميم الوضع السياسي والاقتصادي أمام الكتل والأحزاب السياسية للمساهمة الفعالة لانقاذ الدولة العراقية بالارتفاع عن المصالح الحزبية والذاتية وبريق المناصب والكراسي!!