الجولات التفتيشية التي يقوم بها المسؤول، هي من الأساليب الإدارية التي تهدف إلى الرقابة وضبط الحالات، أو هي زيارات ميدانية من أجل العلاقات العامة، وبعضها (تطييب خاطر)، وأخرى لأهداف إعلامية مثل تسليط الضوء على المنتج أو المسؤول. في الأسبوع قبل الماضي قام رئيس هيئة السياحة والآثار الأمير سلطان بن سلمان بجولة علي أماكن الإيواء في المناطق السياحية، هذه الجولة ليست تفتيشية ولا مفاجئة ولا إعلامية ولا هي علاقات عامة بل كان هدفها كما أعلن، للتحقق من ملاحظات وتجاوزات على الإيواء - دراسة حالة - وبالتأكيد تكشفت لرئيس هيئة السياحة حقائق على الأرض من المشاهدات وواقع الإيواء الصعب ليس على المصطافين بل واقع الشقق المفروشة التي تحولت من إيواء للمصطافين والزوار إلى مساكن دائمة للعائلات والأسر المتوسطة العدد والعزاب، في ظل أزمة السكن الخانقة بسبب حلول وزارة الإسكان التي مازالت داخل دوائر مغلقة دون حل. في البدء كانت الشقق المفروشة حلاً لأزمة ندرة الفنادق أو تعويضاً عنها، التي أهملت طوال السنوات البعيدة الماضية باستثناء مكةالمكرمة التي تتنامى فيها الفنادق لأغراض العبادة، ماعدا مكة شرفها الله، فإن هناك محافظات ومدن كبيرة بل عواصم مناطق تعاني حالياً من نقص شديد في الفنادق, ومهما طورنا الشقق المفروشة لن تكون بديلاً عن الفنادق في الزيارات والمناسبات الرسمية، ومكاناً مناسباً للوفود وشخصيات الدولة وضيوفها. قبل أكثر من (30) سنة توسّعت فكرة الشقق المفروشة لاستيعاب: طلاب وطالبات الجامعات والكليات المتوسطة والمعاهد الثانوية، لتكون سكناً للطلاب حين كانت الجامعات السبع لم تبدأ بمشروعها الشامل بناء المدن الجامعة، وبعد أزمة إغلاق السكن الجامعي فيما بعد، ازدادت الحاجة إلى الشقق المفروشة وتحولت الشوارع الرئيس المحيطة بالجامعات والكليات والمعاهد والدبلومات، إلى مجمعات للشقق المفروشة ومازال الأمر قائماً. في المرحلة الحالية يواجه الأمير سلطان بن سلمان رئيس هيئة السياحة، معضلة حقيقية في الفصل ما بين الإيواء بغرض السياحة والزيارات التجارية، وبين الإيواء بغرض السكن الدائم بسبب أزمة السكن، هذه حقيقة مفزعة للاقتصاد الوطني وللسياحة، وأيضاً فادحة لخطط التنمية ووزارة الإسكان، يا سمو الأمير ما قمت من زيارة للشقق المفروشة، فإنّ أغلبها إيواء طلابي ومساكن عائلات وموظفين وليست كما خططتم له إيواءً سياحياً، هذه حقيقة ساطعة إذا لم تتحرك وزارات: الإسكان، الشؤون الاجتماعية، البلديات. إذا لم يحدث تحرك سريع، فإنّ جملة خطط الإيواء ستفشل وينهار معها اقتصاد السياحة الذي خطط له أن يكون رافداً للاقتصاد المحلي واقتصاد الدولة.