نيابة عن خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود -حفظه الله-، رعى صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز آل سعود ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع -حفظه الله- في جدة مساء أمس الاجتماع السنوي التاسع والثلاثين لمجلس محافظي البنك الإسلامي للتنمية وافتتاح أعماله، والاحتفال بمناسبة مرور 40 عاماً على إنشاء البنك الإسلامي للتنمية. ولدى وصول سمو ولي العهد يرافقه صاحب السمو الملكي الأمير بندر بن سلمان بن عبدالعزيز، كان في استقبال سموه صاحب السمو الملكي الأمير مشعل بن ماجد بن عبدالعزيز محافظ جدة، وصاحب السمو الملكي الأمير مشعل بن عبدالله بن عبدالعزيز أمير منطقة مكةالمكرمة، وسمو الشيخ حمدان بن راشد آل مكتوم نائب حاكم دبي وزير المالية محافظ البنك الإسلامي للتنمية عن دولة الإمارات العربية المتحدة، وصاحب السمو الأمير فواز بن ناصر بن فهد، ومعالي وزير المالية رئيس مجلس محافظي البنك الدكتور إبراهيم بن عبدالعزيز العساف، ومعالي رئيس مجموعة البنك الإسلامي للتنمية الدكتور أحمد بن محمد علي. وفور وصول سمو ولي العهد صافح نيابة عن خادم الحرمين الشريفين 12 طفلاً يمثلون ألف يتيم من ضحايا (التسونامي) في إندونيسيا الذين يكفلهم خادم الحرمين الشريفين لمدة خمسة عشر عاماً ويقوم البنك الإسلامي للتنمية بالإشراف على كفالتهم. وقد عبر هؤلاء الأطفال عن شكرهم وتقديرهم وزملائهم لمقام خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده الأمين وحكومة وشعب المملكة على هذه اللفتة الإنسانية. عقب ذلك التقطت الصور التذكارية لسمو ولي العهد والمحافظين للبنك، وبعد أن أخذ سموه مكانه في القاعة الرئيسية بدئ الحفل بآيات من الذكر الحكيم. بعد ذلك جرى عرض مقطع وثائقي للمقابلة مع سمو الأمير سلمان بن عبدالعزيز بعد افتتاحه للاجتماع التأسيسي لمجلس محافظي البنك الإسلامي للتنمية بتاريخ 15-7-1975ه في الرياض. إثر ذلك ألقى نائب حاكم دبي وزير المالية محافظ البنك الإسلامي للتنمية عن دولة الإمارات العربية المتحدة سمو الشيخ حمدان بن راشد آل مكتوم كلمة بهذه المناسبة عبر خلالها عن شكره للمملكة حكومة وشعبا على حفاوة الاستقبال وكرم الضيافة، كما أود أن يشيد بالدعم الكبير والمستمر الذي تحظى به مجموعة البنك من قبل خادم الحرمين الشريفين -حفظه الله-. وأكد أن دولة الإمارات سعت منذ الإعلان عن إنشاء البنك الإسلامي للتنمية في ديسمبر عام 1973 أن تكون من المؤسسين الرئيسيين والداعين للنمو لعمليات البنك بما فيه خدمة مجالات التنمية من فيها الدول الأعضاء، حيث ما كنا وما زلنا بثقة تامة في خدمة المشروعات التنمية التي تدعو للتنمية الاقتصادية والاجتماعية للنهوض بمعدل النمو الاقتصادي وإيجاد فرص عمل في الدول الإسلامية. وقال: عليه فإننا نرى ضرورة التركيز خلال الفترة المقبلة عبر مجموعة البنك والصناديق التابعة والمتخصصة على توفير متطلبات الدول الأعضاء عبر إستراتيجية تنتهج تسهيل الإجراءات تهدف إلى تسهيل الإجراءات وتقليل الوقت اللازم للتمويل والتركيز على المشروعات الحيوية والمتعلقة لخلق الوظائف ونحن في دولة الإمارات على استعداد لمساعدة البنك من خلال نقل خبراتنا والاستفادة من كوننا عاصمة للاقتصاد الإسلامي ولكي نساعد الدول الاستفادة من مواردها الخاصة. بعد ذلك ألقى معالي أمين عام منظمة التعاون الإسلامي الأستاذ إياد بن أمين مدني استعرض خلالها الخطوات التي خطاها البنك في مسيرته الموفقة، في سبيل تعزيز النمو الاقتصادي في الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي وما حققه من إنجازات عالمية، لعل من أبرزها حصول البنك على أعلى التصنيفات الائتمانية على مدى 12 عاماً متتالية. وقال: إن الاجتماعات المتعددة التي عقدت في الآونة الأخيرة بين البنك والمنظمة هيأت الظروف لتحسين علاقات العمل والتنسيق والشراكة بين أجهزة المنظمة وما يجب أن تتسم به معالمها، كما ركزت تلك الاجتماعات على الأولويات اللازمة لتعزيز نشاطنا. وفي هذا السياق نشير إلى ما تحقق من مختلف صناديق مكافحة الفقر وهي صناديق متخصصة إضافة لدور البنك الإسلامي لتوفير مشروعات البنية التحتية ونأمل أن ترى هذه الصناديق حراكا أكبر خلال المرحلة المقبلة. وأكد عمل المنظمة بشكل وثيق مع البنك في القروض الصغيرة، وذلك بالتنسيق والتعاون مع الدول الأعضاء صاحبة التجربة في هذا النوع من القروض التي تبعث للتفاؤل وتنعش المجتمع، مشيراً إلى أن هذه القروض الصغيرة وسيلة ناجحة في محاربة الفقر والبطالة. واستطرد قائلاً: لا يفوتني في هذه المناسبة أن أشيد بالتمويل الاجتماعي للدول الأعضاء بما يتيح فرصة للاستفادة من أموال الزكاة، كما أنتهز هذه الفرصة لأعرب عن تطلعنا بالتوقيع على الاتفاقيات التجارية والاقتصادية للمنظمة بما في ذلك الاتفاقية العامة للتعاون الاقتصادي والتجاري وتشجيع الاستثمارات واتفاقية لنظام الأفضليات والبروتوكول التجاري وقواعد المنشأ وغير ذلك وهي اتفاقيات تسعى لتنشيط التجارة البينية وما يتبع ذلك من نشاط ونمو اقتصادي. وقال: لا بد أن نذكر مبادرة البنك الإسلامي للتنمية في رؤية البنك حتى عام 1440ه التي تأتي في وقت تعكف منظمة البنك الإسلامي على مراجعة فعاليات عمل منظمة التعاون الإسلامي للمرحلة المقبلة، إن مستقبل العمل الإسلامي المشترك الذي تجسده المنظمة ويمثله البنك مليء بالتحديات.. إلا أنه مستقبل واعد -بإذن الله- ثم جرى عرض فيديو قصير لمقابلات مع بعض الشخصيات التي واكبت مسيرة البنك منذ إنشائه. بعدها ألقى معالي رئيس مجموعة البنك الإسلامي للتنمية الدكتور أحمد بن محمد علي كلمة، رحب خلالها بصاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، موجهاً رسالة شكر وعرفان للدول الأعضاء. وعبر عن سروره باحتفال البنك بالذكرى ال40 لتقييم أدائه وحصاد الرؤى لبناء إستراتيجي جديد، مبرزاً الدعم الذي يلقاه من الدول الأعضاء جمعا ومكانة هذا الدعم في تحقيق النجاح. وتحدث معاليه حول البدء في إنشاء مشروع البنك الإسلامي للتنمية الذي بدأ في مرحلة مليئة بالتحديات قائلاً: اليوم يقف نجاح البنك شاهداً على هذه المسيرة للمؤسسين، ولقد كان هذا الدعم الذي لقيه البنك كبيراً وهذا ما كشفه تصنيف البنك AAA «أعلى تصنيف ائتماني». وأشار إلى أنه من سبل الدعم هي سلسلة الاستجابات المتتالية كلما احتاج البنك لزيادة رأس المال الذي ارتفع من ثلاثة مليارات دولار أمريكي إلى 150 مليار دولار أمريكي، لافتاً إلى أنه من صنوف الدعم مثابرة الدول الأعضاء على الوفاء بالالتزامات المالية تجاههم وحرصهم على التعاون مع البنك. بعدها ألقى معالي وزير المالية الدكتور إبراهيم بن عبدالعزيز العساف كلمة أكد في مستهلها على الدعم والرعاية التي يحظى بها البنك الإسلامي للتنمية، مما جعل عملياته تنمو ونشاطه يتوسع بشكل ملحوظ حتى أصبح مجموعة من المؤسسات المتخصصة تسهم بفاعلية في دعم الجهود التنموية في البلدان الأعضاء، وفي تعزيز التمويل الإسلامي المتوافق مع مبادئ وأحكام الشريعة الإسلامية السمحة. وأضاف قائلاً: إن الأسس التي قام عليها البنك أسس راسخة ونبيلة وإن الأهداف التي يسعى إلى تحقيقها أهداف إستراتيجية وحيوية في مسيرة دولة الأعضاء، وإن الإنجاز الأهم في مسيرة البنك على مدى العقود الأربعة الماضية، يتمثل في التغييرات الإيجابية التي أحدثها البنك في حياة ملايين البشر بالدول الأعضاء، وفي المجتمعات الإسلامية في الدول غير الأعضاء وهذا الإنجاز يعمق الشعور بالمسؤولية بضرورة العمل المستمر لتطوير أعمال البنك، ويأتي في هذا السياق العمل المتكامل الذي قامت به المجموعة المتمثل في «التقويم التاريخي والإطار الإستراتيجي العشري»، لرسم مستقبل مشرق لمجموعة البنك يعزز دورها بإذن الله، وزف معاليه صدور أمر خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز بمنح الدكتور أحمد محمد علي وشاح الملك عبدالعزيز من الدرجة الثانية، وذلك تتويج للتقدير الذي يحظى به معاليه. إثر ذلك ألقى صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز آل سعود الكلمة التالية: بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.. أيها الإخوة: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. باسم سيدي خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز أرحب بكم في بلدكم، المملكة العربية السعودية، وأشكر لكم جهودكم في خدمة أمتكم الإسلامية والعمل على نهضتها ونموها. إن المملكة العربية السعودية حريصة على تحقيق التضامن بين الدول الإسلامية، وهذه هي سياستها المستقرة والثابتة، لأنها ناشئة من الأسس التي قامت عليها، امتثالاً لأمر ربنا جل وعلا بالتضامن وعدم الفرقة، فقال جل من قائل ((واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا)) وقال رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم: «مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد، إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر». لقد أعطت المملكة اهتماماً عملياً بالتضامن المنشود، وعملت له في الماضي والحاضر، من خلال الأطر التي تربطها بالدول والشعوب الإسلامية، ويجسد البنك الإسلامي للتنمية أبرز الأمثلة على ذلك، حيث بادر أخي الملك فيصل بن عبدالعزيز -رحمه الله- بطرحه كفكرة تبنتها منظمة التعاون الإسلامي. كما جاء قرار مؤتمر القمة الاستثنائي الرابع، الذي كان موضوعه «التضامن الإسلامي»، وعقد في رمضان من عام 1433ه، بجوار بيت الله الحرام، لتعزيز موارد البنك بمبادرة من سيدي خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز -حفظه الله- استمراراً لتجسيد هذا المبدأ والأصل المتين في سياسة المملكة العربية السعودية. إن رؤية المملكة تقوم على الشمولية في المسؤولية نحو تحقيق التضامن، فلا تناط هذه المهمة بالحكومات وحدها، فللمنظمات والمؤسسات مثل مجموعة البنك الإسلامي للتنمية دور مهم في ذلك، والأمر يحتاج إلى تنسيق الجهود في العمل والتنفيذ، لأن الهدف من التضامن الإسلامي هو تجميع قدرات الأمة على ما يصلح حالها ويبعد عنها الشرور، ويرفعها إلى مستوى المشاركة الفاعلة في خدمة القضايا الإنسانية، وذلك كفيل -بتوفيق الله وعونه- في تجاوز العراقيل والعوائق، التي تهون بالاستعانة بالله والثقة بوعده، وبذل الوسع والطاقة. أيها الإخوة: تواجه دول العالم الإسلامي تحديات كبيرة تتطلب العمل بشكل متواصل ودون كلل لمواجهتها، ومن أبرزها التحديات الاقتصادية التي تتمثل بتحقيق تنمية بشرية، ونمو اقتصادي مستدام، وتعزيز السلام والاستقرار في العالم الإسلامي وخارجه، وتقوية الشعور بهوية واحدة ومصير مشترك، وهذه التحديات تتطلب برامج طموحة للإصلاح ومعالجة الضعف الاقتصادي، والتكيف مع البيئة الاقتصادية العالمية المتغيرة، وتعزيز الجهود للقضاء على معوقات التنمية، وإشاعة الوسطية والاعتدال، ونحن نقدر لمجموعة البنك الإسلامي للتنمية مساعدتها للدول الأعضاء لمواجهة هذه التحديات. إن المملكة العربية السعودية تعتز بأنها المقر لهذا الصرح الكبير، وتؤكد إيمانها الراسخ برسالته ومهمته، ونهنئ البنك بمرور أربعين سنة على إنشائه، وبهذه المناسبة نثمن قيامه بمراجعة مسيرته، وهذه علامة نضج ووعي لتقييم ومراجعة ما أنجز وما ينبغي إنجازه، في ضوء الأهداف النبيلة التي قام عليها. ونشكر من أسهم في هذه المسيرة الخيرة كافة، وبشكل خاص معالي الدكتور أحمد محمد علي -مدير البنك- لجهوده الكبيرة في تطور ونمو المجموعة، فما حققته المجموعة من إنجازات محل اعتزازنا جميعاً، ودافع لمواصلة العمل والتطوير، ونؤكد استمرار دعم المملكة العربية السعودية لهذه المجموعة لمزيد من النمو والنجاح. وفي الختام أشكر للمجموعة ولكم جهودكم في خدمة دينكم وأمتكم، سائلاً المولى عز وجل العون والتوفيق ولاجتماعاتكم النجاح والسداد. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. إثر ذلك تفضل صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز آل سعود ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع بتقليد معالي رئيس مجموعة البنك الإسلامي للتنمية وشاح الملك عبدالعزيز من الدرجة الثانية الذي أمر خادم الحرمين الشريفين بمنحه إياه. بعدها تسلم سموه هدية تذكارية بهذه المناسبة من معالي وزير المالية ومن معالي رئيس مجموعة البنك الإسلامي للتنمية. حضر الحفل صاحب السمو الملكي الأمير عبدالعزيز بن نواف بن عبدالعزيز، وفخامة الرئيس الإندونيسي السابق بهاء الدين حبيبي، ومؤسس شركة مايكروسوفت الرئيس المشارك لمؤسسة بيل ومليندا جيتس الخيرية السيد بيل جيتس، ومعالي الأمين العام الأسبق لمنظمة التعاون الإسلامي الدكتور حامد الغابد، ووزراء المالية بالدول الإسلامية. بعد ذلك غادر سمو ولي العهد مقر الحفل مودعاً بمثل ما استقبل به من حفاوة وتكريم.