أكد صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز آل سعود ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع أن المملكة العربية السعودية حريصة على تحقيق التضامن بين الدول الإسلامية، موضحاً أن «هذه هي سياستها المستقرة والثابتة؛ لأنها ناشئة من الأسس التي قامت عليها»، مبيناً أن المملكة أعطت اهتماماً عملياً بالتضامن المنشود، وعملت له في الماضي والحاضر، من خلال الأطر التي تربطها بالدول والشعوب الإسلامية». وأضاف ولي العهد الذي رعى أمس نيابة عن خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، في جدة الاجتماع السنوي التاسع والثلاثين لمجلس محافظي البنك الإسلامي للتنمية وافتتاح أعماله والاحتفال بمناسبة مرور 40 عاماً على إنشاء البنك الإسلامي للتنمية، أن «البنك الإسلامي للتنمية أبرز الأمثلة على التضامن المنشود، حيث بادر أخي الملك فيصل بن عبدالعزيز – رحمه الله – بطرحه كفكرة تبنتها منظمة التعاون الإسلامي». ورحب سمو ولي العهد في الكلمة التي ألقاها في المناسبة بالحضور، وقال: «باسم سيدي خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز أرحب بكم في بلدكم، المملكة العربية السعودية، وأشكر لكم جهودكم في خدمة أمتكم الإسلامية والعمل على نهضتها ونموها». وأضاف سموه «لقد جاء قرار مؤتمر القمة الاستثنائي الرابع، الذي كان موضوعه «التضامن الإسلامي»، وعقد في رمضان من عام 1433ه ، بجوار بيت الله الحرام ، لتعزيز موارد البنك بمبادرة من خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز – حفظه الله – استمراراً لتجسيد هذا المبدأ والأصل المتين في سياسة المملكة العربية السعودية»، مبيناً أن «رؤية المملكة تقوم على الشمولية في المسؤولية نحو تحقيق التضامن، فلا تناط هذه المهمة بالحكومات وحدها ، فللمنظمات والمؤسسات مثل مجموعة البنك الإسلامي للتنمية دور مهم في ذلك، والأمر يحتاج إلى تنسيق الجهود في العمل والتنفيذ؛ لأن الهدف من التضامن الإسلامي هو تجميع قدرات الأمة على ما يصلح حالها ويبعد عنها الشرور، ويرفعها إلى مستوى المشاركة الفاعلة في خدمة القضايا الإنسانية، وذلك كفيل – بتوفيق الله وعونه – في تجاوز العراقيل والعوائق ، التي تهون بالاستعانة بالله والثقة بوعده ، وبذل الوسع والطاقة». وأضاف سمو ولي العهد «تواجه دول العالم الإسلامي تحديات كبيرة تتطلب العمل بشكل متواصل دون كلل لمواجهتها، ومن أبرزها التحديات الاقتصادية التي تتمثل بتحقيق تنمية بشرية، ونمو اقتصادي مستدام، وتعزيز السلام والاستقرار في العالم الإسلامي وخارجه، وتقوية الشعور بهوية واحدة ومصير مشترك، وهذه التحديات تتطلب برامج طموحة للإصلاح ومعالجة الضعف الاقتصادي، والتكيف مع البيئة الاقتصادية العالمية المتغيرة، وتعزيز الجهود للقضاء على معوقات التنمية، وإشاعة الوسطية والاعتدال، ونحن نقدر لمجموعة البنك الإسلامي للتنمية مساعدتها للدول الأعضاء لمواجهة هذه التحديات»، موضحاً سموه أن «المملكة العربية السعودية تعتز بأنها المقر لهذا الصرح الكبير، وتؤكد إيمانها الراسخ برسالته ومهمته، ونهنئ البنك بمرور أربعين سنة على إنشائه، وبهذه المناسبة نثمن قيامه بمراجعة مسيرته، وهذه علامة نضج ووعي لتقييم ومراجعة ما أنجز وما ينبغي إنجازه ، في ضوء الأهداف النبيلة التي قام عليها». وتابع سموه «نشكر كافة من ساهم في هذه المسيرة الخيرة، وبشكل خاص الدكتور أحمد محمد علي مدير البنك لجهوده الكبيرة في تطور ونمو المجموعة، فما حققته المجموعة من إنجازات محل اعتزازنا جميعاً، ودافع لمواصلة العمل والتطوير، ونؤكد استمرار دعم المملكة العربية السعودية لهذه المجموعة لمزيد من النمو والنجاح». ورافق سمو ولي العهد، الأمير بندر بن سلمان بن عبدالعزيز، وكان في استقبال سموه الأمير مشعل بن ماجد بن عبدالعزيز محافظ جدة، والأمير مشعل بن عبدالله بن عبدالعزيز أمير منطقة مكةالمكرمة، والشيخ حمدان بن راشد آل مكتوم نائب حاكم دبي وزير المالية محافظ البنك الإسلامي للتنمية عن دولة الإمارات العربية المتحدة، والأمير فواز بن ناصر بن فهد، ووزير المالية رئيس مجلس محافظي البنك الدكتور إبراهيم بن عبدالعزيز العساف ، ورئيس مجموعة البنك الإسلامي للتنمية الدكتور أحمد بن محمد علي . وفور وصول سمو ولي العهد، صافح نيابة عن خادم الحرمين الشريفين 12 طفلاً يمثلون ألف يتيم من ضحايا (التسونامي) في إندونيسيا الذين يكفلهم خادم الحرمين الشريفين لمدة خمسة عشر عاماً، ويقوم البنك الإسلامي للتنمية بالإشراف على كفالتهم. وقد عبَّر هؤلاء الأطفال وزملاؤهم عن شكرهم وتقديرهم لمقام خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده الأمين وحكومة وشعب المملكة على هذه اللفتة الإنسانية. أكد وزير المالية الدكتور إبراهيم بن عبدالعزيز العساف على الدعم والرعاية التي يحظى بها البنك الإسلامي للتنمية، مما جعل عملياته تنمو ونشاطه يتوسع بشكل ملحوظ حتى أصبح مجموعة من المؤسسات المتخصصة تسهم بفاعلية في دعم الجهود التنموية في البلدان الأعضاء، وفي تعزيز التمويل الإسلامي المتوافق مع مبادئ وأحكام الشريعة الإسلامية السمحة. وأضاف قائلاً: إن الأسس التي قام عليها البنك أسس راسخة ونبيلة، وإن الأهداف التي يسعى إلى تحقيقها أهداف استراتيجية وحيوية في مسيرة الدول الأعضاء، وإن الإنجاز الأهم في مسيرة البنك على مدى العقود الأربعة الماضية، يتمثل في التغييرات الإيجابية التي أحدثها البنك في حياة ملايين البشر في الدول الأعضاء، وفي المجتمعات الإسلامية في الدول غير الأعضاء، وهذا الإنجاز يعمق الشعور بالمسؤولية بضرورة العمل المستمر لتطوير أعمال البنك، ويأتي في هذا السياق العمل المتكامل الذي قامت به المجموعة المتمثل في «التقويم التاريخي والإطار الاستراتيجي العشري»، لرسم مستقبل مشرق لمجموعة البنك يعزز دورها بإذن الله. وزف العساف صدور أمر خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز بمنح الدكتور أحمد محمد علي وشاح الملك عبدالعزيز من الدرجة الثانية، وذلك تتويجا للتقدير الذي يحظى به معاليه. أشاد نائب حاكم دبي، وزير المالية، محافظ البنك الإسلامي للتنمية عن دولة الإمارات العربية المتحدة، الشيخ حمدان بن راشد آل مكتوم، بالدعم الكبير، والمستمر، الذي تحظى به مجموعة البنك من قِبل خادم الحرمين الشريفين. وأكد أن دولة الإمارات سعت منذ الإعلان عن إنشاء البنك الإسلامي للتنمية في ديسمبر عام 1973 إلى أن تكون من المؤسسين الرئيسيين، والداعين إلى نمو عمليات البنك، بما في ذلك خدمة مجالات التنمية في الدول الأعضاء،»حيث كنا وما زلنا نخدم المشاريع التنموية التي تساهم في التنمية الاقتصادية، والاجتماعية للنهوض بمعدل النمو الاقتصادي، وإيجاد فرص عمل في الدول الإسلامية». وقال: «عليه فإننا نرى ضرورة التركيز خلال الفترة المقبلة، عبر مجموعة البنك والصناديق التابعة، والمتخصصة، على توفير متطلبات الدول الأعضاء عبر استراتيجية تنتهج تسهيل الإجراءات، وتهدف إلى تسهيلها، وتقليل الوقت اللازم للتمويل، والتركيز على المشاريع الحيوية، والمتعلقة بإيجاد الوظائف، ونحن في دولة الإمارات على استعداد تام لمساعدة البنك من خلال نقل خبراتنا، والاستفادة من كوننا عاصمة الاقتصاد الإسلامي، لكي نساعد الدول على الاستفادة من مواردها الخاصة». استعرض أمين عام منظمة التعاون الإسلامي أياد مدني في كلمته الخطوات التي خطاها البنك في مسيرته الموفقة، في سبيل تعزيز النمو الاقتصادي في الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي وما حققه من إنجازات عالمية لعل من أبرزها حصول البنك على أعلى التصنيفات الائتمانية على مدى 12 عاماً متتالية. وقال: «إن الاجتماعات العديدة التي عقدت في الآونة الأخيرة بين البنك والمنظمة هيأت الظروف لتحسين علاقات العمل والتنسيق والشراكة بين أجهزة المنظمة، وما يجب أن تتسم به معالمها، كما ركزت تلك الاجتماعات على الأولويات اللازمة لتعزيز نشاطنا وفي هذا السياق نشير إلى ما تحقق من مختلف صناديق مكافحة الفقر، وهي صناديق متخصصة إضافة لدور البنك الإسلامي لتوفير مشاريع البنية التحتية ونأمل أن ترى هذه الصناديق حاركا أكبر خلال المرحلة القادمة». وأكد عمل المنظمة بشكل وثيق مع البنك في القروض الصغيرة، وذلك بالتنسيق والتعاون مع الدول الأعضاء صاحبة التجربة في هذا النوع من القروض التي تبعث للتفاؤل وتنعشق المجتمع ، مشيراً إلى أن هذه القروض الصغيرة وسيلة ناجحة في محاربة الفقر والبطالة . واستطرد قائلا ً: «لا يفوتني في هذه المناسبة أن أشيد بالتمويل الاجتماعي للدول الأعضاء بما يتيح فرصة للاستفادة من أموال الزكاة ، كما أنتهز هذه الفرصة لأعرب عن تطلعنا بالتوقيع على الاتفاقيات التجارية والاقتصادية للمنظمة، بمافي ذلك الاتفاقية العامة للتعاون الاقتصادي والتجاري وتشجيع الاستثمارات واتفاقية لنظام الأفضليات والبروتكول التجاري وقواعد المنشأ وغير ذلك، وهي اتفاقيات تسعى لتنشيط التجارة البينية وما يتبع ذلك من نشاط ونمو اقتصادي. وقال : لا بد أن نذكر مبادرة البنك الإسلامي للتنمية في رؤية البنك حتى عام 1440ه التي تأتي في وقت تعكف منظمة البنك الإسلامي على مراجعة فعاليات عمل منظمة التعاون الإسلامي للمرحلة القادمة، إن مستقبل العمل الإسلامي المشترك الذي تجسده المنظمة ويمثله البنك مملوء بالتحديات .. إلا أنه مستقبل واعد بإذن الله». رحَّب رئيس مجموعة البنك الإسلامي للتنمية الدكتور أحمد بن محمد علي بصاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز آل سعود موجهاً رسالة شكر وعرفان للدول الأعضاء . وعبَّر عن سروره باحتفال البنك بالذكرى ال 40 لتقييم آدائه وحصاد الرؤى لبناء استراتيجي جديد ، مبرزاً الدعم الذي يلقاه من الدول الأعضاء جمعا ومكانة هذا الدعم في تحقيق النجاح. وتحدث معاليه حول البدء في إنشاء مشروع البنك الإسلامي للتنمية الذي بدأ في مرحلة مملوءة بالتحديات قائلاً: اليوم يقف نجاح البنك شاهدا على هذه المسيرة للمؤسسين ولقد كان هذا الدعم الذي لقيه البنك كبيرا وهذا ما كشفه تصنيف البنك AAA «أعلى تصنيف ائتماني». وأشار إلى أنه من سبل الدعم هي سلسلة الاستجابات المتتالية، كلما احتاج البنك لزيادة رأس المال الذي ارتفع من 3 مليارات دولار أمريكي إلى 150 مليار دولار أمريكي، لافتاً إلى أنه من صنوف الدعم مثابرة الدول الأعضاء على الوفاء بالالتزامات المالية تجاههم وحرصهم على التعاون مع البنك.