جاء نظام الآثار والمتاحف والتراث العمراني الجديد الذي اعتمده مجلس الوزراء الموقر في جلسته التي عقدها هذا الأسبوع ليُؤسس لنقلة جديدة لقطاع التراث الوطني من خلال سنّ أنظمة وضوابط جديدة تسهم في حماية الآثار والتراث والتحفيز على تنميته واستثماره. كما جاء إقرار هذا النظام - كما أكد صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن سلمان بن عبد العزيز رئيس الهيئة العامة للسياحة والآثار في تصريحه الصحفي - ليكون جزءاً من تنظيم قطاعات الآثار والمتاحف والتراث العمراني وتطويرها في هذه المرحلة الهامة، وتتويجاً للتحول الكبير في هذه المسارات من خلال التوسع في عمليات التنقيب الأثري، ومشاريع التراث العمراني، ومنظومة المتاحف الجديدة وغيرها من المشاريع، واصفاً سموه النظام الجديد بأنه «يواكب العملية التطويرية الشاملة للآثار والتراث العمراني الوطني التي وجّه بها خادم الحرمين الشريفين - أيده الله - خصوصاً مع صدور القرارات السامية التي تؤكد المحافظة على الآثار والتراث العمراني الوطني، وعدم التعرض لهما بالهدم أو الإزالة أو التخريب». وقد أبان مدير عام الإدارة القانونية بالهيئة العامة للسياحة والآثار الدكتور فيصل بن منصور الفاضل أن نظام الآثار والمتاحف الجديد يحل محل نظام الآثار الصادر بالمرسوم الملكي رقم (م/6) في 23/06/1392ه، ويستوعب عناصر التجديد والتطوير مما يمكّنه من مواكبة ما يشهده قطاع الآثار والمتاحف والتراث العمراني من مشاريع متطورة شملت مختلف مناطق المملكة. وذكر الدكتور الفاضل أن النظام الجديد اشتمل على عشرة فصول تضمنت أربعاً وتسعين مادة، واحتوى الفصل الأول عدداً من التعريفات المهمة والمستعملة بالنظام مثل: تعريف الآثار ومواقعها والثابت والمنقول منها، والتراث العمراني، والمتاحف، وغيرها، كما تضمن أن الأصل في ملكية الآثار الثابتة والمنقولة الخاضعة لسيادة الدولة أو ولايتها القانونية أنها من الأملاك العامة للدولة باستثناء الآثار الثابتة التي يثبت أصحابها ملكيتهم لها, والآثار المنقولة التي سجلت من قِبل مالكيها لدى الهيئة العامة للسياحة والآثار، والآثار المنقولة التي لا ترى الهيئة ضرورة لتسجيلها ويُلزم النظام كل من يملك أثراً منقولاً بعرضه على الهيئة لتسجيله خلال سنتين من تاريخ نفاذ النظام، وأجاز النظام للهيئة نزع ملكية أو وضع اليد المؤقت على أي موقع أثري أو تراثي أو شعبي أو مبنى تاريخي وفقاً لنظام نزع ملكية العقارات للمنفعة العامة، ووضع اليد مؤقتاً على العقار وإخلاء المواقع من شاغليها لقاء تعويض عادل، وشمل أحكام تصرف مالكي ومنتفعي الآثار والتراث بها وألزمهم بالمحافظة عليها وحمايتها وحظر التعدي عليها أو الإضرار بها، وقضى النظام بأن الهيئة هي التي تقرر أثرية الآثار والتراث العمراني وتحافظ عليها وتصونها وتعرضها وتنظم سجل الآثار، وتنسق وتتفق مع الجهات الأخرى في شؤون الآثار والتراث العمراني بما في ذلك حمايتها وتحديد مواقعها ووضع مشروعات تخطيط المدن والقرى وإيجاد حمى لها والترخيص ببناء أو ترميم أو تشغيل وخلافه. وتضمن النظام إنشاء «صندوق الآثار والمتاحف والتراث العمراني»، للإنفاق منه على حماية الآثار والتراث العمراني والمحافظة عليها وصيانتها وكذلك لإنشاء متاحف جديدة ودعم المتاحف القائمة بعد تحقيقها للشروط المطلوبة وتناول أيضاً تنظيم الموارد المالية لهذا الصندوق وقواعد ادارة أموال الصندوق وإيداعها وأوجه إنفاقها، واستثمارها.. كما تضمن النظام تشجيع إنشاء جمعيات متخصصة في مجال الآثار والمتاحف والتراث العمراني. ونظّم الفصل الثاني ما يتعلق بمواقع الآثار والمواقع التاريخية ومواقع التراث الشعبي من مختلف الجوانب بموافقة وإشراف الهيئة، وضرورة تصنيف المواقع التاريخية ومواقع التراث الشعبي، وكذلك قيام الهيئة بالتنسيق مع وزارتي الشؤون البلدية والقروية والداخلية بوضع الآلية الفنية والإجرائية للتعامل مع المباني التراثية الآيلة للسقوط. وينظم الفصل الثالث أحكام الآثار الغارقة، وقرر بأنها ملك للدولة، وأن تنسق الهيئة مع العديد من الجهات ذات العلاقة بالمناطق البحرية لوضع آلية تكفل حماية الآثار الغارقة، وجاء الفصل الرابع لينظم أوضاع الآثار المنقولة وقطع التراث الشعبي والاتجار بها، فوضع أسس تداولها والتعامل معها وترميمها وخلافه بعد الحصول على الترخيص اللازم من الهيئة، وتناول الفصل الخامس أحكام المسح الأثري والتنقيب عن الآثار، مثل أن الهيئة هي وحدها صاحبة الحق فيه، ويجوز لها أن ترخص للغير في إجرائه، وغيره من الأحكام. وأشار الدكتور الفاضل إلى أن النظام الجديد قد أفرد الفصل السادس للتراث العمراني مستقلاً، وهو ما يؤكد بأن التطور التنظيمي المتعلق بحماية التراث العمراني بالمملكة يسير بشكل موازٍ ومنسجم مع الجهود المحلية والعالمية تجاه الاهتمام بالتراث العمراني وحسن استغلاله، فقد ورد به التعريف المستقل السائد للتراث العمراني، وأسند للهيئة مهمة وضع سجل خاص للتراث العمراني المصنف تسجل فيه مواقعه ومنطقة حمايته، وكذلك مهمة إعداد وتطوير مخطط حماية التراث العمراني وتنميته بالتنسيق مع الجهات ذات العلاقة وضوابط ذلك، وأنه لا يجوز العمل في مجال ترميم المباني التراثية وصيانتها إلا بعد الحصول على موافقة وتصنيف من الهيئة، وعدم جواز نقل ملكية مباني أو مواقع التراث العمراني المصنفة التي تملكها الدولة إلا بعد موافقة الهيئة، ويجوز بيعها أو تأجيرها إذا كانت مملوكة للقطاع الخاص بعد موافقة الهيئة. أما الفصل السابع فنظم شؤون المتاحف لتحظى بأول تنظيم نظامي متكامل لها، فعلى سبيل المثال أجاز إنشاء المتاحف بأنواعها بترخيص وتصنيف من الهيئة والجهات ذات العلاقة، ونظم أحكام قطع معروضات المتاحف الأثرية وتسجيل الهيئة لها، وتضمن أحكام قبول المتاحف للإعانات والهدايا العينية من خارج المملكة بعد موافقة الهيئة، وتضمن أحكام نقل المتحف أو إجراء تعديلات عليه وغيرها بعد الحصول على موافقة أو ترخيص من الهيئة، أما الفصل الثامن فقد تضمن تحفيز المواطن ليكون هو الشريك الأول في المحافظة على الآثار، حيث تضمن حزمة من المحفزات للمواطنين الذين يسهمون في المحافظة على الآثار مقابل تشديد العقوبات بحق المخالفين، يصل أقصاها إلى عقوبة السجن لمدة سنتين وغرامة مالية تصل إلى مائتي ألف ريال أو بإحداهما، لمن يقدم على الإضرار بالآثار أو التراث العمراني، كما جاء الفصل التاسع مبيناً لأحكام الضبط والتحقيق والمحاكمة، فعدَّ موظفي الهيئة الذين تخولهم الهيئة ضبط المخالفات من رجال الضبط الجنائي، وحدد مكافآت لمن اكتشف أثراً ثابتاً أو منقولاً أو ساهم بالمحافظة على آثار أو تراث عمراني أو ساعد على ضبط مخالفة، كما نص على أن يتم تكوين لجنة ثلاثية بقرار من رئيس الهيئة للنظر في المخالفات المتعلقة بنصوص الغرامات.