وإن شح القطر.... وإن لم توسم أرضها..... وان جار عليها الهجير وسموم القيظ. تبقى الشجرة مخضرة الأغصان.... مورقة تمنح الظل لمستظل... تعطي فيأها لمحتاجه حتى وإن أوقد ناره جوارها واكتوت بجمرته...ولامس اللهب أطراف غصن منها. إنها تثري... سخية....معطاءة. تفيض تحنانا على من رمى برأسه على صدرها وتمنح الدفء لمن شعر بزمهرير الشتاء. ** شجرة ظليلة تراقصها النسمات..... يلاطفها عليل ليلها... يسامرها هذا النسيم حين يسكن المحيط وتهدأ الحركة وتغفو كل عين كانت تراقبها..... تغدق من عطفها على الكل دون أن يحس الآخر بإقصاء أو انتقاص... لايضيرها إساءة أحد ولاتعير اهتماما لمن قدم لها إساءة..... انها أكبر....من كل مسيء.... ضاربة الجذور.. لاتخشى الرياح ولاتنحني للعاصفة.... ** هي تعطي وبسخاء قل مثيله... لايرتبط هذا العطاء بتلون بشري وتقلب لوني وتعدد صوري.. كثير هم من تلونوا وتنكروا وبخسوا... قد مروا بجوارها ورموها بما رموها ووصفوها وانتقصوا من قدرها بفعل أو بعمل أو..... قد كشفوا عن وجوه تخفّت وتوارت... **شجرة تملك القدرة على التعايش مع كل الطقوس والأجواء... تتحمل كل الظروف والأحوال المناخية.... هذه الشجرة قل مثيلاتها مهما تفنن الفلاحون في استنبات الشبيه.... أو التطعيم اوالتلقيح.. بقيت شامخة رغم كل الظروف تفيض بالحب الفريد.... فخورة بما تعطي سعيدة بمن يعتني بها وهم قلة... ** رغم كل شيء لم يلاحظ أن خضرتها قد اصفرت.... أو عصف بها لافح من صيف أو شتاء قارس يجرد الشجر من بهائه ونمائه ** كل يوم تبدو أجمل.... تنثر عبيرها وتتنفس من نسمات الفجر وقطر الندى كي تبقى زاهية. ** كل شجرة مثمرة ترمى بحجر وكل يد تجود بسخاء تنعت بصفة.. صامدة هي حتى يحار المرء في تفسير سر هذا الصمود امام معاول تحاول الاقتصاص منها. صامتة لاتشكو من سطوة معول ولاتنفذ منتفع.... لايهمها من يأكل باسمها وتحت ظلها ومن يترك مخلفاته تحتها.... لان كل اناء بمافيه ينضح.... ** تملك مفاتيح لايملكها آخرون.... القدرة على مواجهة الأمور تمنحها الثبات كي توجد فرص اكثر للبقاء... التحدي امام كل جحافل التصحير... وسحب الماء والنماء.... فريدة في قدرتها.... قوية في تحملها.... تسكن هنا حيث يعطيها المكان كل مقومات النماء والبقاء. ** بالتأكيد قد واجهت وتحملت وتعثرت وعُثّرت وعانت لكنها كانت اقوى من صواديف الايام وملكت مناعة قل ان توجد في مخلوق مثلها. لم يعقها وجع غرس في جسدها وبقيت تتشرب مرارته... ولم يشعرها ما تعانيه بالعزلة أو الانكفاء... ولم تختبئ خلف ذاكرتها وتعيش عليها ابدا.. ** تركت كل المساحات مشرعة... لم توصد الأبواب ولم تغلق النوافذ.. اكتوت كثيرا وحزنت كثيرا... آلمها من احتطب أغصانا منها... وأوجعها من أكل من ثمرها وجازاها بحرق أوراقها.. ** تكبر على الألم.... وتنظر الى الامام دون أن تعير ما جرى اهتماما يصرفها عن غدها رغم ما تخفيه من حسرة... فقد أضاع ما حل بها الكثير من عمرها. لاتؤمن بأي ردة فعل.. ترى ان ماضيها يغذي فيها العزيمة والإصرار والمثابرة... هي لم ولن ترضخ لأفعالهم ولا عفن الماء الذي يسقونها منه... كل فعل يدفع بها قدما كي تغذ الخطى.... تعطيها منعة وتمنحها جسارة.... في الظل لن يستنبت نبات وتحت الشمس كل شيء يُرى... ** تتكئ على جملة معطيات تشحذ فيها كل ما هو جميل وحسن. بالنسبة لها كالماء النمير.... ترهف السمع لنصيحة الصحراء... وتستمد من قسوتها الصلابة.. تطالع في الأفق الفسيح... فيعطيها رؤية وروية.. ترتبط في هذا المدى الواسع رغم الزوايا المعتمة والنقاط المظلمة والفضاء الكوني حولها يزرع فيها كل تفاؤل... ** صبرها يحمل كل الأسئلة وتعول على الغد بإجابات غنية عن الكثير فالصبر يأتي بالفرج.... أغصانها لن تنفق.... وإزهارها لن يتوقف وأزهارها لن تذبل. ** تنتظر الخلاص من مفارقات لم تسع لها... ومن أسئلة عقيمة لا تستحق التوقف عندها. لن تغلق أبواب أمسها ولن تغلق أبوابا لحاضرها. ** تؤمن بأن الزمن سينصفها.. سينصفها من الآخرين قبل الأقربين الذين لم يعد يعرفون الحقيقة ولايمحصون الحقائق كما يجب. ** تؤمن بأن السماء ستجود بالمطر والمطر يأتي بالربيع وحين تكتسي الأرض بالربيع ستزهو هذه الشجرة أكثر وأكثر... عندها يدرك الجميع حجم الألم الذي أودعوه قلب من كان لهم القلب الحاني والدفء والمشاعر الصادقه بلا زيف أو مخادعة.