حقيقة قد لا أجد منطلقاً حقيقاً لأبدأ به مقالي هذا ونحن نتحدث هذه الأيام عن فراق أحد أبناء هذه البلاد الكرام الذين خدموا هذا البلد بالغالي والنفيس، رحيل الدكتور الوزير عبدالعزيز الخويطر الابن البار بوطنه أحدث جرحاً وفقداً عظيماً في نفوسنا، لكن في جميع حالات الرحيل والغياب والاختفاء تلك، وهي الممزوجة بالحرمان والفقد والألم، تبرز أمام الشعب المآثر والدروس والقيم الإنسانية العظيمة التي لطالما جسدتها تلك الرموز الوطنية في حضورها المتلاحم مع أبناء الشعب، ليتبيّن لنا في ذلك حجم الغياب والرحيل والمصاب الجلل وتركتهما ومتطلباتهما لمواصلة رحلة العزيمة والصمود والشقاء الوطني، برحيل الوزير الخويطر خسر الوطن عملاقا من عمالقة الفكر والإدارة الكبار. فعلى مدى عقود من الزمان ارتبط اسمه باسم وزارات المملكة العربية السعودية «كقطعة من سماء» لم يمت الدكتور عبدالعزيز الخويطر ولكنه انتقل من عالم الفناء إلى عالم البقاء، لينال أسنى الأجر، وأجزل الثوابت، في علياء السماء، إنه حيّ في قلوب محبيه وخواطرهم، وسيبقى حيّاً إلى الأبد، في قلوب أبنائهم وأحفادهم، ومواكب الأجيال الآتية من بعدهم. إنه حي بما شيّده لبلده، رحل الدكتور عبدالعزيز الخويطر وخلف وراءه إرثاً أدبياً وحضارياً عظيماً، رحل وهو قد حمل على عاتقه سبع وزارات تقلدها في أزمان سابقة التربية والتعليم، والصحة، والعمل، والتعليم العالي، والمالية، والشؤون الاجتماعية، والزراعة. رحل الأديب والرجل الإداري الكبير، رحل من ملأ قلبه حباً لوطنه وبادله أبناء هذا البلد الحب والتقدير وقيادته الوفاء وأسمى العرفان. في مؤلفاته الأدبية علمنا التراث وقيمته كذلك لم يغفل دور المرأة في مجتمعها فأبرز أهميتها وتأثيرها في أفضل صورة، إيمانا منه أن المرأة هي الأم والأخت والزوجة، رحيل الوزير الدكتور عبدالعزيز الخويطر أحدث جرحا عميقا في قلوب المثقفين والتربويين والسياسيين أجمع، رحل عفيف اليد، واسع الاطلاع، عاشق الوطن، رحل الدكتور عن عالمنا مخلفا سيرة نادرة ملؤها الكفاح والعمل الدؤوب ورأس سنامها العطاء الذي امتد لعقود، رحل وهو يحمل تاريخاً لا يمسه الضجيج، يقول عنه الملك فيصل «رحمه الله»: (تلك ثروةٌ وطنية فلا تفرطوا به)، رحل الدكتور عبدالعزيز الخويطر إلى جوار ربه بنفس راضية مطمأنة ملؤلها الإيمان بما قضاه الحي الذي لا يموت جل في علاه، ذكره الطيب وخلقه ونزاهته وإنجازاته باقية في قلوبنا وكل ما عداه إلى زوال، الدكتور عبدالعزيز الخويطر سيبقى في خواطرنا ووجداننا ما بقينا، رحم الله الدكتور الوزير عبدالعزيز الخويطر رحمةً واسعة وأسكنه فسيح جناته.