واهم كبير من لا يزال على ظنه بأن المتلقي هو متلقي الأمس الذي يتقبل بلا جدل أو تدقيق أو تمحيص بما يُطرح له في وسائل الإعلام ومنابر الشعر على وجه الخصوص لا لتواضع في فهمه بل لأن أغلب ما كان يطرح يتسم بالجودة ودقة الانتقاء لضآلة المساحة الممنوحة للشعر وحرص الكثير من الشعراء على أن لا يصل للناس إلا ما هو مقنع ومبهر ومدهش. والواهم الأكبر من يظن أن بإمكانه خداع الناس بإيهامهم أن لديه ما يستحق المتابعة بقليل من البهرجة والجلبة وعلو الصوت والأداء التمثيلي المكشوف إذ يتعمد أن يظهر أمام الجمهور أنه يتصرف خارج إرادته وأن هناك قوى خفية تحركه وتساعده على كتابة الشعر بل وتملي عليه ما يقول وهو يفعل ذلك لأنه يدرك تمام الإدراك أنه لا يتمتع بموهبة أصيلة قادرة على البقاء والتجدد والإقناع. وقد ينبهر بمثل هذه الحركات قليل الناس ولوقت قصير إذ لا يلبث هذا الواهم أن ينكشف ويبتعد عنه الجمهور وربما تذكره بعض الناس على سبيل الطرفة والتهكم ومثل هذا لا يمثل الشعر فأصالة الموهبة والإبداع الحقيقي ساطع كالشمس لا يحتاج إلى أشياء تلفت الأنظار إليه فهو ملفت ومشرق بذاته.