وكأن «فيسبوك» يصر على فضح كل من يظن الناس تميزهم وإبداعهم، وكأنه يعمد يوماً بعد آخر إلى أن يسحب من رصيد المشاهير آخر قطرة صدق من أقوالهم ومشاعرهم، فلم تكد تمضي أسابيع قليلة على نشوتنا بميلاد شاعر مصري جديد ومبدع يحمل اسم هشام الجخ، محققاً حضوراً عربياً مميزاً في برنامج «أمير الشعراء» على قناة «أبو ظبي»، حتى نال لقب شاعر الثورة المصرية، حتى بدأ ناشطون على صفحات «فيسبوك» في التشكيك في موهبته الشعرية، ونشر الحجج التي تؤكد أن شعره نتاج عملية سطو على الشاعر المصري عبدالستار سليم الذي يلقب في الأوساط الثقافية المصرية ب«ملك الواو»، إذ نقل كثيرٌ من المصادر الصحافية المصرية طوال الفترة الماضية ولا يزال، اتهامه الصريح ل«الجخ» بأنه سرق من ديوانه الصادر عام 1995 «واو عبدالستار» نحو 35 مربعاً شعرياً، إلا أن هشام ادعى بعد مواجهته بحقيقتها أنها من التراث. وقال الجخ في بيان وزعه على صحف مصرية: «المربعات التي أقولها في حفلاتي هي من التراث الشعبي القناوي، وليست ملكاً لأحد، وقام كثيرون بجمعها، أشهرهم عبدالستار سليم في كتابه الشهير «فن الواو»، وأعلنت هذا الكلام في جميع الحفلات والمحافل والبرامج الإذاعية، لكيلا يتهمني أحد بسرقة المربعات، ثم من هذا الغبي الذي يفكر أن يسرق شيئاً في شهرة «مربعات قنا»؟ لكن عبدالستار سليم رد عليه، بحسب بوابة «الأهرام»، بالقول: «ماذا نفعل والتاريخ يعيد نفسه، وبشكل سافر، حتى بعد أن قامت ثورة ال25 من «كانون الثاني (يناير)؟ فهذا واحد ممن يدّعون أنهم شعراء هذه الثورة، ونال شهرة مفاجئة من المحتمل أن تكون أفقدته صوابه، وإلا فكيف يكون شاعراً ثورياً، وفي الوقت ذاته يقوم بالاعتداء على ملكية الآخرين؟». وأضاف أن الجخ في حفلاته المدفوعة الأجر ينشد مربعاتي من فن «الواو» ناسباً إياها إلى نفسه، دون أن يطرف له جفن، أو تنتابه رعدة الخجل، أو تؤرقه وخزة الضمير - حتى بعد أن لفت البعض نظره إلى ذلك - فهو يقف ليلقي أشعاره على جمهوره، ومعها مربعات «فن الواو» التي يتضمنها ديواني، والتي سبق أن أنشدتها في أكثر من محفل، «متجاهلاً ذكر اسمي باعتباري صاحب هذه المربعات». هذه القضية تشهد جدلاً كبيراً بين أوساط المثقفين المصريين، وانتقل صخبها إلى صفحات ال«فيسبوك» لتضعها صفحة تحمل عنوان «25 يناير ثورة الغضب» على صدر موقعها، فاتحة الباب أمام كثير من التعليقات حول ما ورد بها من أقوال واتهامات تباينت بين زائر وآخر، ففي الوقت الذي وجّه فيه زوار للصفحة اتهاماً للجخ بالسرقة، دافع عنه في المقابل زوار آخرون، متهمين الصفحة بالتحامل ضد هشام، وأنه يسعى لتشويه صورته، ومن أهم ما ورد فيها تساؤل أحد الأعضاء: «لماذا التحامل على الشاعر؟ ومنذ متى كانت صحف الحزب الحاكم مرجعية؟ هشام الجخ ليس موهبة فحسب بل شعوراً مشتركاً وجد كل عربي حلمه فيه... لا داعي لكل هذا الحقد الدفين الذي سيجعل مستخدمي الصفحة يشكون في صدقية المشرفين عليها» وكان رد المشرفين على ذلك بالقول: «أخي العزيز أقسم لك أنه ليس هناك أي تحامل منّا على هشام ولا غيره، نشرنا الخبر حصرياً كخبر فقط، فنحن ننشر الأخبار بحيادية، وقد أوردنا رد هشام الجخ مع الموضوع، لنكون بذلك طرحنا كل وجهات النظر، ونرجو تفهُّم هذا». وقد طرحت «الحياة» سؤالاً مباشراً إلى أحد مسؤولي «ساقية الصاوي» للتعليق على هذه القضية بحكم أن «الساقية» كانت من أوائل المنابر التي دعمت وما زالت تدعم أمسيات هشام الجخ الشعرية فأجاب بقوله: «أرجو أن تظل الساقية بعيدة عن هذه القضية، فنحن نؤيد هشام الجخ، وعبدالستار سليم، ولا نرغب في الخوض في مثل هذه القضايا الجدلية».