جلستُ برفقة ثلاثة من كبار المسؤولين التنفيذيين الذين يترأسون مشاريع في مؤسسات ذات تركيبة معقّدة، معروفة بتقدّمها السريع. وسألتهم عما يفعلونه ليكون أداؤهم فعّالاً. وكانوا قد عملوا جميعاً، خلال مسيرتهم المهنية، في قطاعات متعددة، وأداروا مشاريع ناجحة، واستنبطوا دروساً منطقيّة على المستويات المؤسسية كافة. وفي ما يلي النصائح الثلاث التي تترك التأثير الأكبر بنظرهم: -اعتمدوا وجهة نظر استراتيجية بدلاً من وجهو النظر تكتيكية: إنّ أكبر خطأ يرتكبه المدراء بمعظمهم هو التركيز طوال أيّام على التكتيكات، بدلاً من تركيز كلّ اهتمامهم على الاستراتيجية. ولا شكّ في أنّ التكتيكات مهمة، فهي مرتبطة بالتفاصيل، وبالخصائص الدقيقة الضرورية للتنفيذ ضمن مهل نهائية قصيرة جدّاً. أمّا الاستراتيجية، فتثير أسئلة حول ما إذا كانت الأسس التي يتم إرساءها مناسبة. وتقوم الاستراتيجية عموماً على المقايضات. وبالتالي، وفي عالم يستحيل فيه القيام بالأمور كافّة، هل ينبغي التركيز فعلياً على موضوع محدّد أو موضوعين؟ -الكلام عن العراقيل: في معظم المؤسسات، يمضي المدراء وقتهم داخل لجان توجيهية، يستمعون إلى كلام عن مدى حسن سير الأمور، في ما يُعتَبر مضيعة تامّة للوقت. ولا شك في أن الكلام عن العراقيل يكاد يكون دوماً أكثر فائدة من الكلام عن التسهيلات. وصحيح أنّ الكلام الدائم عن الفشل قد يحبط المعنويات، ولهذا السبب بالتحديد، من الضروري أن يخصّ كبار القادة بالشكر الأشخاص الذين يكرّسون وقتهم للتركيز على الأمور الهامة – لا سيّما الأخبار السيئة. -فلتكن لديكم مؤشرات استباقية بدلاً من المؤشرات المتأخرة: يعجز مدراء كثيرون عن إخبار رؤسائهم إن كان مشروع قد تحوّر عن هدفه، أو زاد عن الموازنة، أو تخطّى الجدول الزمني، حتّى يكون الأوان قد فات، وهذا ما يولي المؤشرات الاستباقية هذا القدر من الأهمية، مع العلم بأنّ المؤشرات الاستباقيّة المذكورة المحفّزات التي تتضمّنها خطط المشاريع، والتي تمنح المدراء لمحة ضروريّة ليعرفوا بمصادر الخلل أثناء ظهورها، كي يتمكنوا من معالجتها. ويكمن المفتاح في التركيز على الأهداف الضرورية فعلياً، مع تكريس أهمّية فعليّة لمدّخرات الموازنة، التي تسمح باستحداث مؤشرات استباقية تسمح بادّخار تراكمي وتدريجي للأموال. وإن كان البقاء ضمن الجدول الزمني المحدد أهم الأولويات، فمن الضروري استحداث مؤشرات استباقية تركّز على الالتزام بالمهل النهائية المفروضة. جميعنا يريد العمل بفعاليّة في مؤسساتنا. ولكن ينبغي أن نسأل أنفسنا عمّا إذا كانت الأدوات التي نستعملها حاليّاً فاعلة؟ ولا شكّ في أنّ اعتماد هذه المبادئ الثلاثة هو خطوة جيدة باتجاه تحويل الأفكار الجيدة إلى تنفيذ متميّز.