تعترض الصعوبات معظم قادة المؤسسات متى أرادوا جعل نشاطاتهم اليومية تتماشى مع استراتيجيّة الشركة، مع أنّهم يدركون أهمية الإقدام على هذه الخطوة. وأظهر استطلاع أجرته «برايس ووترهاوس كوبرز» مؤخراً، وشمل أكثر من 1200 مسؤول تنفيذيّ كبير، أنّ نحو 80 في المائة منهم يرون أنّ شركتهم تملك الاستراتيجية المناسبة – غير أنّ 54 في المائة منهم لفتوا إلى أنّ الاستراتيجية لا تُطبَّق على الشكل الصحيح. ما الذي يشرح هذا التفاوت؟ فلنقارن شركتين وهميتين ونحاول تحديد العوامل المؤثّرة. تُعنى الشركة الأولى «أ» بتطبيق استراتيجيتها بأسرع ما يمكن؛ فيعمد فريق الإدارة العليا فيها إلى تحويل عروض «باوربوينت» التي أعدها فوراً إلى عروض مزايا إصدار تشرح الاستراتيجية برمتها، ويطوّر خطة تنفيذ، ويعدّ مكتب إدارة برامج، ويشكّل لجاناً توجيهيّة، ويعيّن أدواراً، حتّى أنّه يبدأ بإعادة هيكلة الشركة. ولكن بعد ستة أشهر، تبدأ الخطة بالانهيار، إذ يفتقر القادة وفرق عملهم إلى الموارد ويتنافسون عليها، ويتحوّر انتباههم إلى مبادرات يحبّذونها ليست على صلة بالاستراتيجية تقريباً، ويعود القادة إلى عاداتهم القديمة. ويصعب عليهم التحكّم بالتوترّ بين الوحدات واستحداث القيمة في أرجاء المؤسسة. أما الشركة «ب»، فتعتمد مقاربة مختلفة. وقبل اتخاذ قرار بتحويل مجرى العمليات، يعمد القادة فيها إلى: + التصدّي للفوارق الكامنة في الاستراتيجية. + معرفة مدى تماشي نشاطات المؤسسة مع الاستراتيجية. + الكف عن أي نشاطات غير مهمة من وجهة نظر استراتيجية. + رصد القدرات الهامة بالنسبة إلى الاستراتيجية. + إرساء حقوق اتخاذ القرارات. + البدء بتحديد إطار لأنماط السلوك التي تدعم الاستراتيجية. + تقييم الأداء والمخاطر باستعمال مقاييس استباقية ولاحقة تعكس أولويات الشركة. وتسمح هذه المقاربة للقادة باعتماد عقلية ذات طابع بنّاء أكبر تسمح بالحدّ من التلاعب بسياسة الشركة. لقد انغمس قادة الشركة «أ» كلّياً في الاستراتيجيّة التي وضعوها وغرقوا في خطّة تنفيذها. ولكن بفضل الانضباط والعمل الدؤوب الظاهرين لدى الشركة «ب»، طوّر قادتها أيضاً التزاماً عاطفياً، سيسمح لجهودهم بالاستدامة لفترة أطول. ومع تحويل قادة الشركة «ب» اهتمامهم نحو العمليات، سيتأكدون من أن جميع العناصر – الإجراءات، والأشخاص، والتركيبة المؤسسية والتكنولوجيا– تتماشى تماماً مع استراتيجية الشركة. وبالتالي، سيولّد القادة التزاماً لدى من تبقّى في المؤسسة، من خلال تحديد واضح لدور كلّ فرد، وتصميم الأفعال المطلوبة للتوصل إلى نتائج. هكذا يكون التماشي مع الاستراتيجيّة فعلياً. ومع أنّ مقاربة الشركة «ب» ليست سهلة، تُعتبر أكثر فعالية بكثير من الانغماس في عملية إعادة هيكلة قصيرة الأمد للعمليّات، تكون قد جاءت كردّ فعل.