لقد تضررت المملكة العربية السعودية كثيرا من الإرهاب وعانت منه قبيل أحداث الحادي عشر من سبتمبر وجهود الرياض في مجال مكافحة الإرهاب والقضاء عليه وتجفيف منابعه غنية عن التعريف ولعل من أهمها قائمة الإرهاب التي صدرت في الآونة الأخيرة التي وضعت جبهة النصرة والدولة الإسلامية في العراق والشام «داعش» ضمن القائمة بحد ذاتها كفيلة بأن تفند المزاعم التي يرددها رئيس الحكومة العراقية نوري المالكي التي تتضمن أن السعودية تدعم الإرهاب لزعزعة الاستقرار في العراق. في بداية الحديث نجد أن السعودية ليست بحاجة لأن تدعم الجماعات الإرهابية التي تضررت منها لزعزعة استقرار العراق، خاصة أن الدولة العراقية تعاني ومنذ العام 2003 من عدم الاستقرار ولم تتقدم خطوة واحدة باتجاه الطريق الصحيح الذي قد يفضي في نهاية المطاف إلى استعادة الاستقرار فرئيس الوزراء نوري المالكي لم يأخذ استقرار العراق وأمنه ووحدته محمل الجد بل سعى في بداية حكمه إلى تصفية الحسابات مع خصومه السياسيين حتى لا يكون هناك ما هو منافس له ولعل من أهمها ما صدر بحق نائب رئيس الوزراء العراقي السابق طارق الهاشمي من حكم غيابي تحت مسمى التواطؤ ودعم العمليات الإرهابية في العراق. من جهة ثانية، نجد أن الأعمال الإرهابية التي تحدث في العراق باستمرار التي أصبحت في تزايد في الآونة الأخيرة وسط عجز حكومي شديد عن ضبط الأمن والحفاظ على الاستقرار تجعل أصابع الاتهام موجهة للحكومة العراقية باضطلاعها في تنفيذ تلك الأعمال الإرهابية كوسيلة تبرر الغاية خاصة وأن مثل هذه الأعمال تعطي الحكومة مساحة واسعة لقمع المعارضين لها تحت غطاء مكافحة الإرهاب. سياسات رئيس الحكومة نوري المالكي التي تتمثل بترجيح القوة المفرطة لحل الأزمات هي السبب الرئيسي في تدني الاستقرار والانفلات الأمني فقد وضعت الدولة العراقية على أعتاب الحرب الأهلية بينما أغلب الأزمات التي تحدث يكمن حلها في طاولة الحوار التي من شأنها أن توحد الفرقاء وتصل بهم إلى نقطة توافق تنقذ البلاد من الانزلاق إلى هاوية الحرب الأهلية التي لن تجد أمامها عوائق قد تحول دون ذلك خاصة وأن الأرضية الخصبة لذلك متوافرة في العراق ومنذ سقوط نظام صدام حسين، كما أن حدوث الحرب الأهلية يجعل من الصعب إخمادها والقضاء عليها لأنها ستفضي لأن تقضي على ما تبقى من حالة الاستقرار المتدنية التي وأصبحت في تدني مستمر وبوتيرة سريعة في الآونة الأخيرة. اتهامات رئيس الحكومة نوري المالكي للسعودية بدعم الإرهاب لزعزعة الاستقرار في العراق ليست إلا محاولة منه لتبرير فشله الذريع في الحفاظ على أمن واستقرار ووحدة العراق منذ استلامه لمنصب رئاسة الوزراء، خاصة أن الانتخابات باتت على الأبواب ومثل هذه الاتهامات ليست إلا شعارات انتخابية يعتقد المالكي أنها لا تزال صالحة للتسويق، من جهة أخرى محاولة منه لإرضاء الداعم الإيراني، بيان السعودية شد اللهجة تجاه تصريحات المالكي وغيابها عن حضور مؤتمر مكافحة الإرهاب في العاصمة بغداد يعد بمثابة بداية تحول في السياسة السعودية تجاه العراق أضف إلى ذلك أن رئيس الحكومة نوري المالكي باتهامه للسعودية عمد إلى فتح جبهة خارجية بجانب الجبهة الداخلية المشتعلة، فقد كان من الأولى على المالكي أن يتحاشى الصدام مع دولة إقليمية بمكانة السعودية، خاصة أن العراق يشهد انتفاضة للطائفة السنية منذ أشهر وأخرى للطائفة الشيعية بدأت تتبلور ملامحها.