كَثُر الحديث مؤخراً في بعض المواقع الاجتماعية والصحفية عن توجّه لحذف اسم القبيلة في بطاقات الهوية الوطنية لمن يريد ذلك من المواطنين. ولم يتضح لي مصدر الخبر ومدى دقته بسبب تضارب المعلومات، ولكن بغض النظر عن أي شيء أرى أن الموضوع يستحق المناقشة. إنني ممن يؤمنون بوجاهة قرار كهذا، مع احترامي وتقديري لأي رأي آخر. فحذف اسم القبيلة لا يلغي انتماء الناس إلى قبائلهم أو إلى جماعاتهم ومناطقهم. والناس عندنا في هذه البلاد يعرفون انتماءاتهم، ولا يقدّم أو يؤخّر أن يُكتب هذا الانتماء في بطاقة الهوية الوطنية. لكن الأثر الإيجابي الذي ربما يتحقق من حذف الانتماءات التي تقل عن مستوى الانتماء الوطني الأكبر هو إطفاء ما نلحظه أحياناً من مظاهر التعصب القبلي والمناطقي المبالغ فيه. فعندما يتحدث البعض عن قبيلته أو عن منطقته يأتي الحديث بنبرة متعالية حتى عندما يكون ذلك غير مقصود، وسبب هذا أننا تربينا على ذلك ورضعناه منذ الصغر في مجالس الأهل والأعمام والأقارب والجماعة. فمن الأمور العادية والمتكرّرة أن نسمع في مجالس جماعاتنا الخاصة عن بطولات قبائلنا، ويتم شحننا بتصورات تندفن في اللاوعي فنتصوّر أن قبيلتنا وجماعتنا وديرتنا فوق الجميع! وحقيقة الأمر أن الخير والشر في كل الناس وفي كل القبائل، وحتى في العائلة الواحدة تجد أخياراً وأشراراً، وبالتالي لا معنى ولا جدوى من الإيغال في القبلية والتعلّق بمفاهيم لا تخدم التنمية ولا السلام الاجتماعي وقد تؤذي حتى الشعور بالانتماء الوطني الأعم والأشمل. وقد كنت دائماً أتصور أن أي إيحاءات بالانتماء الأقل من الانتماء الوطني الأشمل والتي قد تحدث بسبب ربط اسم المواطن ببقعة جغرافية محددة سواء من مناطق المملكة أو من خارجها ربما لا تخدم قضية الانتماء الوطني الأشمل. وعلى سبيل المثال، بعض المواطنين الذين ربما كان أجدادهم ينحدرون من هذه الجزيرة العربية وخرجوا من الجزيرة في بعض فترات التاريخ كفترات الفتوحات الإسلامية ثم عاد الأحفاد بعد مئات السنين إلى هذه الجزيرة واكتسبوا أو استعادوا من جديد الهوية الوطنية ولكن بإسماء ذاتي إيحاء انتمائي للأماكن الجغرافية التي كان أجدادهم قد هاجروا إليها ربما من المناسب الاستغناء عن تلك المسميات الجغرافية والاكتفاء بالاسم العائلي على غرار التفكير بحذف اسم القبيلة من بطاقة الهوية الوطنية. أعرف أن هذا الكلام لن يعجب كثيرين، وبعض ممن لن يعجبهم هم أناس أعزهم كثيراً وأشترك معهم في الانتماء القبلي والمناطقي، لكنني أعرف أيضاُ أنني أعبّر عن قناعات أناس آخرين كُثُر يشاركونني الرأي. وفي البدء والمنتهى، أكرر احترامي لكل وجهة نظر أخرى.