اليوم سأتناسى كل أخبار العنف والحرب المحيطة بنا وأهرب إلى تأمل الحب. يقول الشاعر: الحب في الأرض بعض من تخيلنا، لو لم نجده عليها لاخترعناه !! فيفتح شرفات التأمل: ما هو الحب؟ هل هو حقيقة منفصلة عنا؟.. أم شيء من تخيلنا؟ ربما الحب تشيؤنا.. تجسد أرواحنا المتعطشة في المكان والزمان! نحن نحب آباءنا وأمهاتنا وأولادنا وزوجاتنا وأزواجنا، فهل حب آبائنا مثل حب أزواجنا؟ يبدأ بالجنس وينتهي به بنظرية العقدة الأوديبية وعقدة ألكترا.. أم أن البر والحنان هو ما يجمع الاثنين؟ هل البشر فقط يحسون الحب؟ لماذا إذن لبعض كائنات الله من غير البشر علاقة وليفين مدى العمر؟ ولماذا بعض بني البشر كبعض الفصائل الفطرية، لا يعرف غير تشوقات الجسد في غربة تتأجج لزمن قصير؟ وبعضهم لا يعرف غير عشق بني عذرة الذي يمجد الحرمان؟ هل يمحى العشق؟ أم أن الذي يمحي لم يكن هناك أصلا؟ هل نحب من يحبنا فقط؟، أم الصحيح أن البس يحب خناقه ؟ ثم ذلك الشعور الذي يعلقنا بغير الناس؟ لماذا نحب ما يمنح المتعة، المال، والممتلكات؟ لماذا نحب الورد والعطر والتماع أحجار الأرض ومعادنها. لم يستطع أحد ما في تاريخ الإنسانية الطويل أن يضع تعريفا واحدا للحب !! ولنفرض أن الحب هو ما يشد فردا إلى آخر.. ما هو جوهر هذه العلاقة؟ هؤلاء الذين يحبون في صمت.. ولا يعرف الآخر عن وجودهم شيئا كيف نصنف علاقتهم بالآخر؟ المحللون النفسيون تفاوتوا في اتساع مفهومهم للحب، أو ضيقه، من مستوى تقبل الفرد للذوبان في كيان فرد آخر راضيا بإخضاع كل رغباته وتفضيلاته لما يخدم رغبات الطرف المحبوب.. بغض النظر عن هل يبادله الآخر تضحية بتضحية، وهو في الغالب لا يفعل.. إلى رؤية الطرف الآخر مجرد كيان وجد هناك لكي يلبي كل رغبات المحب. أما الشعراء فغالبا رسموا الحب هيمانا وتنصيبا للمعشوقة على عرش الكمال، ولكنه تنصيب مؤقت لا يستمر فيه اكتمالها للعين المولهة إلا بمدى بقائها في مستوى الحلم المرغوب. ومتى ما تكشف الحلم عن جسد التفاصيل محدد التفاصيل يتحرك على أرض الواقع.. سقطت المعبودة.. صنما من الطين القابل للتلوث والتشوه, والروائيون رسموا كل احتمالات العلاقات الإنسانية الثنائية: العلاقات الانتهازية، والعلاقات اليوتوبية، والعلاقات السادية المازوكية، والعلاقات التي ينمو بها الطرفان إلى أجمل حالات الاكتمال، وتلك المرضية التي تمحو طرفا لتتضح ملامح الطرف الآخر، والوهمية التي تجعل طرفا ملكا للآخر ولو في الخيال,كلها تتلخص في علاقات البحث عن اكتمال الذات متحققا في وجود الآخر، وقد يكون المطلوب شعورا بالمتعة.. أو يكون ملجأ يحقق الشعور بالأمن، أو قد يكون مجرد تخيّلا نرجسي التمحور، اللهم: ندعوك أن تملأ مساحاتنا وردا وقلوبنا حبا. وأن تجعل كل يوم من أيام حياتنا يوم حب واحتفال بالحياة.. لا يوم حرب، أو حرابة أو حث على الاحتراب!