المرأة هي النصف الآخر للرجل، فبدونها لا حياة له، هي المكملة، والعاطفة، والملاذ، والسكنى، هي من يعود إليه حين الضائقات، ورغم ذلك إلاّ أنّها ضعيفة لا تحمل صلابة في مشاعرها كالرجل، إذ لا يمكنها مقاومة المديح، فتجدها تستسلم لمن يثني على جمالها أو ملبسها أو رشاقتها أو أي شيء فيها، فتسلم كل عواطفها لمادحها، ولذلك تكون عرضةً للإبتزاز من هذا الرجل، وحين تنصدم منه وتكتشف أنّ حبيبها لم يكن سوى مخادع تنكسر، وتتحطم بصمت، لتعود التساؤلات من جديد؛ لم لا نكون خزائن أسرار لمن نحب؟، ولم لا نقدم لهن الدعم المعنوي؟، ولم لا نكون المبكى الذي يلجأن إليه وقت الشدة؟.. يقال قديماً إنّ "القلوب عند بعضها"، فلو كانت هذه المقولة صحيحة لما وجد ما يسمى ب"الحب من طرف واحد"، ولما ركض الكثيرون خلف السراب، يحبون من لا يشعر بهم ولا يعلم بعواطفهم، وإن علم لا يقدرها ولا يهتم بها، لتبقى حباً وردياً. العيش في الأحلام فحينما تعيش المرأة تحت ضغط ما أو في ظروف صعبة لا تجد فيها متنفساً لمشاعرها، تلجأ للعيش في الأحلام والخيالات، وقد تدخل علاقات حب من طرف واحد، وحينما يشعر الرجل بأنّ تلك المرأة المحبة مندفعة بكل عواطفها تجاهه، وأنّها معجبةً به، وقد انجذبت إليه، وباتت منقادة بلا إرادة نحوه، يبدأ التفنن في المديح والثناء كي يتربع على عرشها، وقد لا تنتبه للوقت الضائع الذي يستنفده من حياتها، فيستحوذ على تفكيرها، وتتخيل أنّه لا مثيل له في كل من تعرفهم، ولن تقابل مثله، وتجعل منه شبيهاً بأبطال الروايات الأسطوريين، وقد تستغرق في أوهام هذا الحب فتهمل دراستها أو عملها أو تنغلق على نفسها، فتكون سارحة طوال الوقت في فارس أحلامها، فتبتعد شيئاً فشيئاً عن مجتمعها ويخف إندماجها فيه، ويلحظ من حولها تغيرها وإختلافها عن حالها في السابق. أن تكوني وحيدة خير من تسليم قلبك لمن لا يستحقه سراب أجمل العمر ومن أكثر المراحل التي تتعرض فيها المرأة لهذا النوع من الحب، مرحلة المراهقة حيث تكون المشاعر غير مكتملة النضج بعد، فترغب في معرفة الجنس الآخر، ويحفزها اختبار مشاعرها، فتنجذب سريعاً اتجاهه، وقد يكون يكون حبها من أول نظرة دون التريث في التفكير، وتتصور أنّ هذا هو حبها الحقيقي، وأنّه هو الشخص الذي سيكون من نصيبها، دون أن يعرف عنها الكثير، بل تكتفي فقط بما تتخيله وتتوقعه، وعادة ما ينتهي هذا الحب بصدمة تفيق فيها، وتدرك أنّها كانت تعيش في وهم، لتدخل في حالة نفسية صعبة؛ فمن العذاب أن تكتب لمن لا يقرأ لك، وأن تنتظر من لا يأتي، وأن تحب من لا يشعر بك، وأن تحتاج من لا يحتاج إليك، ومن المؤلم أن تحب بصدق، وتخلص، وتغفر، ثم تُصدم في النهاية بموت كل ما قدمته، وتكتشف أنّ أجمل العمر كان سراباً، فكم هو صعب أن تعشق شخصاً وتحبه إلى درجة الجنون، وهولا يعلم بهذه المشاعر التي تمتلكها تجاهه. القلب الرحيم المرأة عاطفة، وحب، ودموع، فهي تبحث دائماً عن الدفء والحنان، وأكبر همومها احتواء تلك الدموع بين أحضان الحلم، وقد خلقت المرأة من ضلع الرجل حتى تكون قريبة من قلبه، وروحه، وأنفاسه، وعطائه، الذي يمد لها ولا ينتهي.. دموعها قد تسكب بلا سبب، ولا قيود، ولكن أحاسيسها التي تتقد بداخلها تجعلها شاعرية، وبكائها كالطفل الوليد لا ينتهي، فينظر لها أحياناً بأنّها كثيرة البكاء، وقد يصل ذلك إلى كره الرجل لدموعها المستمرة، ولكن عندما يسأل نفسه لماذا تلك الدموع التي تبحر في عينيها؟، يجد أنّه نصفها منه، والنصف الآخر تذرفها لحال قلبها، تبكي بكاء الطير عندما ترى ألم غيرها، عندما يتألم حبها تبكي عليه، وكأن الذي يتألم هو قلبها، تبكي حينما يصرخ بوجهها، تفتح قلبها له، ولا تجد منه إلاّ الصد والإهمال، فهل يحتويها ويمسح دمعتها؟، لتنام بين يديه كطفل مدلل، أم أنّ تكبره وشموخه يمنعه من ذلك؟، وإن لم يكن القلب الرحيم الكبير فمن يكون؟. وقد يتصور المحبوب أنّه مجرد رجل فقط بين ناظري من تحبه، في حين أنّها تراه الفارس، والعاشق، والحب الأوحد، وإن بكت فلأنّها تريده قبل أي إنسان، اختارته ليحتضنها لتبقى مدى الدهر بحماه، واهتمامه بمشاغله عنها وتجاهله آلامها يشعرها أنّ الدنيا تأخذه منها، فهي تجن حينما تراه يفضل الحياة بدلا منها، ويلهو عن قلبها الذي ينتظر منها كلمة طيبة، تكون دواءً وارتواءً له، ويزداد جنونها حين تلمح دمعاً بعينيه، فتشاركه الحزن والبكاء، وتذوّب الأحاسيس جميعها له، فلماذا الجفاء؟ رجال ورجال..! ومن الرجال من هم بقمة الروعة والعاطفة، يستطيعون الشعور بدموع المرأة التي تخنقها بحنجرتها، وبنظرة حنونة يمكنهم مداواة جرحها قبل أن تذرف دمعةً واحدة، وهناك أيضاً من تلقى منهم المرأة القسوة والغلضة وسوء التعامل، فرغم أنّهم يرون الدموع تملأ عيناها، إلاّ أنّهم يجبرون أنفسهم على تجاهلها، متناسين أنّهم في حياة المرأة كالشمس التي تنيرها واختفائهم يعني اختفاء النور، والتوهان في سواد الليل، فلن يكون هناك قمر مضيء، إلاّ باحتواء الرجل لها بجميع حالاتها.