الحقيقة ما وصل إليه التعصب الرياضي من درجة مخيفة في المجتمع، يجعلنا نضع أيدينا على قلوبنا خشية من آثاره السلبية على وحدتنا الوطنية، وعلى عقليات الشباب، والزج بهم في أتون معارك كلامية لا طائل منها، لكن ليس من المعقول ولا المقبول أن يصل بنا التعصب الرياضي إلى ظهور فئة من الجمهور الرياضي في المجتمع، بالغوا في درجة تعصبهم لفرقهم الرياضية حتى وصل بهم الأمر - والعياذ بالله- إلى التلاعب بآيات القرآن الكريم ليحوروها، ويحرّفوها، كي تتناسب لهم كشعارات يناصرون بها فرقهم!!! ويسجّلونها في مواقع التواصل الاجتماعي، ولو علم هؤلاء أنهم يدخلون في دائرة من يعمد إلى التحريف في كتاب الله استهزاءً بآياته «الله المستعان» لما تجرؤوا على فعلهم المسيء. هؤلاء كلنا نقف في وجوههم، ولا نقر لهم ما يفعلونه، لأن الاستهزاء بكلام الله وبكتابه، أو محاولة إسقاط حرمته ومهابته «كفر صريح» ولا يختلف على ذلك أهل العلم، قال الله تعالى «وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وءَايَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ، لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ» لكن دعونا نتساءل: ما الذي أوصل هذه الفئة - قل عددها أم كثر- حتى يتجرؤوا على كلام الله، ويقوموا بتحريفه بهذا الشكل لمناصرة فرقهم الرياضية، وبهذه الصورة من التعبير المخالفة لدين الله؟ أعتقد أن حالة التعصب الرياضي التي تلبّستهم حتى أعمت أبصارهم، كانت نتيجة ما يضخ إليهم من بعض وسائل الإعلام الرياضي، وما يصل إليهم من تلك المهاترات التي تحدث بين بعض رؤساء الأندية، والتصريحات النارية التي تلهب مشاعرهم تجاه فرقهم تعصباً، وما يصلهم عبر هذه الوسائل الإعلامية الرياضية من قنوات فضائية، وصحف ورقية، من عناوين الإثارة الممجوجة، وما نشهده من محاولات لإسقاط بعض الصحفيين بعضهم بعضاً مناصرة لأنديتهم، والحديث المستمر باستعراض البطولات والأخطاء التحكيمية، وإظهار أنها مؤامرات ضد فرقهم هذا الذي يحدث في أروقة بعض وسائل الإعلام، والأندية الرياضية من مهاترات، من الطبيعي أن ينتقل إلى «جمهور المدرجات» وأن يكون التعصب الرياضي - الذي يزيد وقوده إعلام الإثارة الرياضي، وبخاصة القنوات الفضائية، والبرامج الرياضية التي معظمنا يعرفها - ثقافة الجمهور الرياضي-، حتى خرج منهم فئة يعبثون بآيات الله - نسأل الله ألا يؤاخذنا بما فعلوا- وقد أجمع علماء الأمة على كفر من استخف بالقرآن أو بشيء منه، وكل من اتخذ شيئاً من آيات القرآن للهزل والغناء والرقص والطرب، فقد اتخذها هزواً ولعباً، وقد توعّده الله بالعذاب المهين قال تعالى: (وَإِذَا عَلِمَ مِنْ آيَاتِنَا شَيْئاً اتَّخَذَهَا هُزُواً أُوْلَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُّهِينٌ) الجاثية 9 وقال: «وَقِيلَ الْيَوْمَ نَنْسَاكُمْ كَمَا نَسِيتُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا وَمَأْوَاكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ نَاصِرِينَ، ذَلِكُمْ بِأَنَّكُمُ اتَّخَذْتُمْ ءَايَاتِ اللَّهِ هُزُوًا وَغَرَّتْكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا فَالْيَوْمَ لَا يُخْرَجُونَ مِنْهَا وَلَا هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ» أنا أعلم أن هناك حملة لنبذ التعصب الرياضي ترعاها «رعاية الشباب» إيماناً منها بخطورة نتائجه على وحدتنا الوطنية، لكن ما فائدة أن تُرفع شعارات، وتُقام حملات لنبذ التعصب، وهناك من يغذيه في الأندية الرياضية، بتصريحاته الانفعالية، وفي كثير من وسائل الإعلام الرياضي بقنواته وبرامجه تهيج من خلالها مشاعر البسطاء من جمهور الرياضة؟ فلنتعقل، ونعلم عواقبه ونكافحه قبل أن نغرق في نتائجه السلبية.