يوماً بعد آخر تكبر كرة الثلج المتلوثة بالتعصب في حراكنا الرياضي والإعلامي ,وبعد كل نزيف يخلفه هذا التعصب الممقوت يتساءل الرياضيون عن بكرة أبيهم أما آن لهذا المرض العضال أن يبتر من شراكه ,وهل آن أوان قرار الرقيب الأريب في وضع النقاط على حروفها المتبعثرة والتائهة,فصوت الحق حتى وإن غاب لابد وأن يلجلج صادعا ومؤدبا كل من حاد عن مسلكه وأدبر,فسرطان التعصب الرياضي الذي استشرى برياضتنا أعيى وأضنى .التعصب الرياضي أو دعونا نسميه الآفة الفتاكة التي نخرت بإعلامنا ورياضتنا على وجه العموم زاد في الحقبة الزمنية الأخيرة الأمر الذي استدعى أن يجيش من يعنيه الامر الجيوش ويعلن حالة الطوارئ من أجل مواجهته قبل وقوع ما لاتحمد عقباه . الميدان الرياضي يسلط الضوء على ظاهرة التعصب ويعريه وفق نظرة علمية مدعمة برأي لأبرز الخبراء والأكاديميين والمهتمين بالوسط الإعلامي والرياضي . أصل التعصب واشتقاقه: اشتق مفهوم التعصب ( في أصله الأوروبي ) من المصطلح اللاتيني ( Praeigudicim) ويعني الحكم المسبق أما في لغتنا العربية، فهو مشتق من العصبية، و التي تعني أن ينصر الفرد عصبته ظالمين أو مظلومين. و قد قدم علماء النفس الكثير من التعريفات لمفهوم التعصب، و إن كانت هذه التعريفات قد ركزت في البداية على نوع واحد فقط من نوعى التعصب، و هو التعصب السلبي، مغفلة النوع الثاني منه،وهوالتعصب الإيجابي، ربما لأن النوع الأول هو الذي يسترعى الاهتمام, شأنه في ذلك شأن الكثير من الظواهر النفسية الاجتماعية، حيث يبدأ الاهتمام بها دائما من الناحية التي تعوق أو تتعارض مع مقتضيات التوافق النفسي والتكيف الاجتماعي. من التعريفات المقدمة لمفهوم التعصب, و التي ركزت على جانبه السلبي فقط، التعريف الذي قدمه نيوكومب واخرون و مؤداه أن التعصب: «اتجاه بعدم التفضيل، يمثل استعدادا للتفكير، و الشعور، و السلوك بأسلوب مضاد لأشخاص آخرين، لكونهم أعضاء في جماعة معينة كذلك يعرفه ستيفان بأنه: اتجاهات سلبية تجاه أفراد ينتمون إلى جماعة معينة، سواء قامت هذه الجماعة على أساس ديني، أو سياسي، أو أنها تنتمي إلى طبقة اجتماعية معينة، أو كونها تتسم بخصائص معينة . التعريف الدقيق لمصطلح التعصب الرياضي: حيث يتجلى التعصب في الاهتمام الشديد بالنواحي الرياضية والميل لتشجيع الفرق الرياضية لناد معين دون سواه، و الشعور بالانتماء له والاعتقاد بأنه أفضل من سائر الأندية الأخرى، وأن لاعبيه ذوو مهارات فنية تفوق الموجودة لدى لاعبي الأندية الأخرى، والشعور بالحزن و الضيق عند الهزيمة والتوتر الشديد قبل بدء المباريات، وتفضيل عقد صداقات مع الأشخاص المشجعين لنفس النادي, و الشعور بالنفور أوالكراهية للنجوم البارزين في الفرق الأخرى والدخول في نقاش حاد حول نتائج المباريات،وعدم القدرة على إخفاء التعبيرات الحماسية أثناء مشاهدة المباريات، والاعتقاد بأن هنالك مشاعر كراهية متبادلة بين لاعبي الفرق المختلفة، و أن ما يحدث من شغب في الملاعب مسألة طبيعية.
أخلاقنا الإسلامية والنقد الهادف البناء سبيلنا لوقف التعصب معالي وزير الثقافة والإعلام الدكتور عبدالعزيز بن محيي الدين خوجة طالب بنبذ التعصب في مجال الاعلام الرياضي ووقف بالمرصاد من أجل إجهاض عمليات التعصب التي بدأت تظهر للعيان مؤخراً وقال كلمة الفصل في هذا الموضوع عبر حديث مطول جاء فيه: نظراً لما لوحظ في الفترة الأخيرة من خروج بعض الملاحق الرياضية في عدد من الصحف المحلية وكذلك الصحف التي تدخل إلى المملكة والبرامج الرياضية في القنوات الرياضية السعودية والقنوات الأخرى سواء التي تبث برامجها من المملكة أو من خارجها من خروج عن الأخلاق والقيم الإسلامية والعادات والتعرض لكرامة الأشخاص وإنسانيتهم فإن الوزارة ستتخذ الإجراءات المناسبة التي تحفظ للإعلام عموماً والرياضي خصوصاً منهجيته ومهنيته وللإنسان كرامته وحقوقه المادية والمعنوية. ووجه معالي وزير الثقافة والإعلام المسئولين عن القنوات الرياضية السعودية بعدم استضافة أي شخص لا يلتزم بالتعليمات ويخرج عن إطار الأخلاق الإسلامية والعادات والتقاليد والنقد البناء الهادف الذي هو الأساس الذي تهدف إليه مثل هذه البرامج. وأضاف معاليه أن المسئولين عن الملاحق الرياضية في الصحف السعودية سيكونون مسئولين عن كل ما ينشر في هذه الملاحق وستتم محاسبة كل من يتعرض لأشخاص بعينهم بالقدح والذم والتدخل في خصوصياتهم التي كفلها لهم ديننا الحنيف، كما أنه سيتم منع دخول الصحف الخارجية التي تتبع مثل هذا النهج. وأشار معاليه إلى أنه سيتم ملاحقة القنوات الخارجية قانونياً حال تعرضها لأشخاص سعوديين بالقذف والاتهام المنافي للحقيقة وكذلك في حال تعرضها للرياضة السعودية بأي شيء مخالف للأعراف الرياضية المتبعة. ودعا خوجة الجميع إلى التحلي بالأخلاق الإسلامية والالتزام بالعادات والتقاليد وممارسة النقد البناء الهادف الذي يسهم في تطور الرياضة في المملكة العربية السعودية ويعلي شأنها بين سائر الدول. البحث عن الإثارة على حساب المصداقية: الامير نواف بن فيصل الرئيس العام لرعاية الشباب طالب مرارا وتكرارا بالتحلي بالنقد الهادف والبناء البعيد كل البعد عن التعصب المذموم وبين أن من أسباب التعصب بحث الإعلاميين عن الإثارة على حساب المهنية والمصداقية التي ينشدها الجميع منهم ,لافتا النظر إلى أن بعض القنوات الفضائية التي تهتم بالإثارة وتسوق لها أضحت مرتعا خصبا لمثيري التعصب ,منوها إلى أن هناك من تتبدل آراؤه أكثر من مرة حسبما تقتضيه مصلحة القناة أو الوسيلة الإعلامية التي ينتمي لها , ووصل الأمر إلى أن يقول احد المذيعين في احد البرامج وعلى الهواء مباشرة : لا نريد أي أمر ايجابي ، أما أن تتحدثوا بالسلبيات أو لا تتحدثوا ،و المفترض لأي وسيلة إعلامية أن تعطي مجالا للرأي والرأي الآخر ، وأنا في الحقيقة لا أعمم ولكن هذا يؤثر على الجمهور. الدكتورصالح بن ناصر وكيل الرئيس العام لرعاية الشباب سابقا والرياضي المخضرم المعروف طالب بأن تكون هناك وقفة صادقة من قبل الجميع من أجل مواجهة خطر التعصب الرياضي والإعلامي وقال: طوال مسيرتي الطويلة في مجال الشباب والرياضة وأنا رجل عملي ودقيق وصارم وأنفذ القرارات بكل حيادية لكن هذا سبب لي إشكالا كبيرا كون بعض قراراتنا لا تعجب الإعلام المتعصب وأعني به إعلام الأندية وأذكر أنني بسبب هذا الإعلام قد تلقيت على جوالي العديد من رسائل التهديد لي ولعائلتي وتدخلت الجهات العليا بسببها وأوقفت هذا الموضوع عند حده وأما الإعلام الحر والنزيه والصادق فلا مشاكل لدي معه بل استفدت منه الكثير,لذلك فأنا لست وحدي من تضرر من الاعلام المتعصب ويجب على الجميع من أعلى مسؤول إلى أصغر مشجع الوقوف بكل حزم امام هذه الظاهرة المستشرية.
إعلامنا ضمن أسوأ 20 دولة بسب التعصب الرياضي: الإعلامي المخضرم الزميل عبدالله العجلان ذكر بأننا بتنا نقبع حاليا ضمن أسوأ 20 دولة على مستوى العالم في الحرية الصحافية وإذا عرف السبب بطل العجب ,حيث المعنيون بالأمر فهموا الحرية الصحافية واستخدمها وفقا لما تقتضيه أهواؤهم ومصالحهم الشخصية ,وجعلوها محتكرة لفئات بينما جعلوا لغيرهم الفتات. العجلان شدد على أن التعصب استشرى في حراكنا الإعلامي الرياضي ويجب وقفه والعمل على اجتثاثه ,منوها بالقرارات الحكيمة التي تضمنتها قرارات وزير الثقافة والإعلام في الآونة الأخيرة . بداية عهد جديد: من جانبه أوضح الزميل الإعلامي المخضرم أحمد المصيبيح أن وقفة المسؤولين عن الإعلام ستعيد الأمور لنصابها الطبيعي بعد أن عاث التعصب فيها ,منوها إلى أن تدخل وزير الثقافة والإعلام وقرارته الحازمة الأخيرة تجاه بعض القضايا المتعلقة بالإعلام المرئي والمقروء أشبه ما تكون بالبداية لعهد جديد يحد من الأخطاء والتجاوزات التي أساءت للمجتمع بصورة عامة. أجمل هدف يسجل في مرمى التعصب الرياضي: الزميل الاعلامي المعروف فياض الشمري أوضح بأن التعصب الرياضي وصل لمرحلة لايمكن السكوت عنها في وسائل الإعلام مشددا على أن بعض رؤساء الاندية شركاء في تكريس مفهوم التعصب ووالدليل أن بعض الاعلاميين قد استمدوا التعصب من بعض الرؤساء الذين أحدثوا بلبلة وأوجدوا انقسامات في وسطنا الرياضي وحراكنا الإعلامي . الشمري شدد على أن كثيرا من الاعلام الرياضي تحركه العواطف وتتقاذفه الميول حتى باتت بعض العناوين أشبه بأحاديث المقاهي ,لافتا النظر إلى قرارات وزير الثقافة والإعلام الأخيرة حتى وإن جاءت متأخرة إلا انها لامست جراحاً دامية فعلى ما يبدو ان الوزير عبدالعزيز خوجة وضع بعين الاعتبار ان الضرر ليس محصورا بالوسط الرياضي بل المجتمع بأسره ولك ان تتخيل الانقسام الحاصل في الأوساط الإعلامية والرياضية مؤكدا أن قرارات خوجة الأخيرة أجمل هدف يسجل في مرمى التعصب الرياضي. محمد الخالد طالب جامعي في قسم الإعلام يرى بأنه قد بلغ السيل الزبى إذ لايخفى على الجميع أن هناك برامج رياضية وصحف متخصصة تتعمّد الإساءة، وتلعب على وتر المهنية، ولا بد من إيقاف إثارتها للقضايا الحساسة، لأنها تجاوزت الخطوط الحمراء بكثير، وأصبحت تعمل على تأجيج الشارع الرياضي السعودي وزيادة الاحتقان، وهي هابطة في مضمونها. عيد الشمري (أكاديمي وتربوي) يشدد على أن الوضع بات حاليا أضحى خارج السيطرة ولابد من وقفة صارمة من قبل المعنيين بالامر وقال: بكل صراحة صدمنا مستوى تدني ثقافة الإعلاميين والكتاب الرياضيين,والعجيب في الأمر أنهم يطلبون من اللاعبين والإداريين التحلي بالأخلاق ولا يطبقون ما يقولونه على أنفسهم,هناك تناقضٌ فاضح و غريبٌ بين القول والفعل يكشف مستوى العقليات التي باتت تتسنم أعلى مراتب الإعلام الرياضي لدينا. فايز الحربي إعلامي سابق وأكاديمي حالي يعتقد بأن المشهد الإعلامي الرياضي أصبح مقززا ومنفرا بل هو بيئة غير آمنة للجيل الجديد من هواة الرياضة والإعلام ,بل إن هناك كثيرا من البرامج الرياضية والملاحق الصحفية المهتمة بالحراك الرياضي المحلي أصبحت تتعمّد إضفاء الإثارة غير المبررة على فقراتها لجذب انتباه المشاهدين دون أي مراعاةٍ للأخلاق والمنطق، فتأتي بصحفيين متعصبين لأنديتهم وأهوائهم وهم أصلا بلا فكر ولا يعرفون أدنى مراتب أسلوب الحوار وآدابه، إذ انهم بالأساس مشجعون همهم الصراخ ومجاملة ناديهم المفضل، ولاعبهم المفضل، ليتحول المشهد الرياضي والخطاب الإعلامي إلى ما يشبه «حلبة مصارعة» لبث سمومهم في الوسط الرياضي، وهذه في رأيي فتنة رياضية يجب أن يجتثها الحكماء والعقلاء قبل حلول كارثة منتظرة .