في الوقت الذي شدد سمو وزير التربية والتعليم الأمير خالد الفيصل على أهمية الانضباط في دوام الطلاب والطالبات ومنسوبي التعليم مع أول يوم دراسي بعد الإجازات, مؤكداً سموه بأن أهم ركن في أداء المدرسة لصنع جيل من المواطنين الذين سيستلمون راية التنمية هو الانضباط, وقد طالب سموه جميع منسوبي المدرسة بالتمسك بالانضباط, إلا أنه ومع بداية الأسبوع الماضي, لم يكن هناك جديد, فكالعادة, بدأ الفصل الدراسي ولم تحضر نسبة كبيرة من الطلبة والطالبات في الأيام الأولى من الفصل الدراسي, بل إن هذا السلوك السلبي قد وصل إلى حد الظاهرة. حقيقة, لا يوجد عذر مطلقاً للطلبة بالتغيب حتى ليوم واحد قبل أو بعد أي إجازة، وذلك لمعرفة الجميع بمواعيد الإجازات والتي سبق أن أقرها المقام السامي. سمو الوزير, الهدر التربوي والاقتصادي يتضاعف إذا علمنا بأن تغيب الطلاب عن الأيام الأولى للدراسة لا يقتصر على مباشرة الدراسة بعد إجازة الصيف فقط, وإنما يتكرر ذلك الغياب في أيام الدراسة الأولى بعد عطلة الحج وإجازة بين الفصلين وإجازة منتصف الفصل الثاني وإجازة اليوم الوطني, كما يتكرر ذلك خلال الأيام التي تسبق كل إجازة, مما يعني مزيداً من الفوضى وقلة الانضباط. سمو الوزير, تأتي المملكة ضمن الدول التي في طليعة الدول على مستوى العالم في عدد أيام الإجازات الدراسية خلال السنة الواحدة, ومما يزيد الطين بلة تغيب شريحة كبيرة من الطلبة بعد وقبل كل إجازة. سمو الوزير, هل يعقل أن تقف الوزارة وإدارات التعليم طوال السنوات الماضية موقف المتفرج إزاء ما يحدث من هدر تربوي واقتصادي من جراء تفشي تلك الظاهرة في كل مراحل التعليم, ولا أخفي سموكم سراً بأن التفاؤل يسود الجميع بأن وجود قامة بمثل سموكم قادر ومتمكن من القضاء على تلك الظاهرة والتي ألحقت بالوطن الكثير من الخسائر التربوية والاقتصادية. ما نحتاجه يا سمو الوزير وجود ضوابط رادعة تعاقب إدارة المدرسة المتخاذلة في التعامل مع هذه الظاهرة, نحتاج إلى ضوابط قادرة على إلزام المرشد الطلابي بالحرص على توعية الطلبة وأولياء أمورهم بأهمية انضباطهم وعدم الغياب. ونحتاج بأن تكون البيئة المدرسية بيئة جاذبة وغنية بالفعاليات والأنشطة طوال العام, وخاصة في الأيام التي تسبق أو تعقب الإجازة المدرسية, فلو حدث ذلك, لن نرى تلك الأعداد الضخمة من الطلبة الذين لا يترددون في هجر المدرسة خلال تلك الأيام. بقي أن أُشير إلى أن كل ما ذكرته في هذا المقال ينطبق على مؤسسات التعليم العالي والجامعات, بل إن الأمر في الجامعات يزيد سوءاً مقارنة بمدارس التعليم العام لاعتبارين: 1 -نضج طلاب التعليم العالي والجامعات مقارنة بالطلاب الدارسين في مراحل التعليم العام. 2 -الإسهام الملحوظ لبعض أعضاء هيئة التدريس بالجامعات في تفشي ظاهرة غياب الطلاب خلال الأيام الأولى بعد الإجازات. وما من شك أن على إدارات الجامعات أن تتحرك عاجلاً للتصدي لتلك الظاهرة غير الحضارية، وأن توقف ذلك الهدر الأكاديمي والاقتصادي الذي يتكرر لأكثر من مرة في العام الواحد، والذي يعاني منه الوطن من جراء ذلك.