قبل أيام، ألقى الرئيس باراك أوباما كلمته السنوية أمام الكونجرس بمجلسيه، النواب، والشيوخ، وشتان، شتان ما بين كلمته هذه، وكلمته الأولى في 2009، والتي ألقاها بعيد انتخابه رئيسا للإمبراطورية الأمريكية، وهو الحدث الذي كان حديث العالم أجمع، إذ كان حينها النجم البارز، الفصيح، وصاحب الكاريزما المذهلة، والمثقف الذي عمل أستاذا بالجامعة، والمحامي البارع، وكانت الأعناق مشرئبة صوب البيت الأبيض، فقد كانت الآمال معقودة على هذا الرئيس، الذي قال يوما، قبل انتخابه: «أنا صاحب الأذنين الكبيرتين، القادم من المجهول!!»، وكان الأمريكيون في الداخل، وشعوب الأرض قاطبة، يعلقون عليه آمالا كبيرة، خصوصا في عالمنا العربي، والإسلامي. عندما تولى أوباما زمام الرئاسة، كانت أمريكا تئن تحت ضغط الظروف الاقتصادية القاسية، وتلملم جراحها بعد غزو العراق، ثم مضت سنوات، حاول أوباما أن يعالج خلالها الأزمة الاقتصادية، ولعله نجح في بعض ما وعد به، ومع ذلك فقد خيب آمال كثيرين ممن صوتوا له، بما فيهم عمق الحزب الديمقراطي ذاته، أما خارجياً، فقد اتسمت سياسة أوباما بالتردد، والضعف، حتى اتهم بأنه أفقد أمريكا هيبتها، كما كانت مواقفه المتناقضة من الثورات العربية، خصوصا ثورة سوريا، ودعم إدارته لتنظيم الإخوان المسلمين، من الأسباب التي زادت من النقمة عليه، لا من الجمهوريين وحسب، ولكن من يمين، ووسط حزبه الديمقراطي، ثم جاء تقارب إدارته مع إيران، وإصراره على التعجل في هذا الأمر، وصدامه مع الكونجرس بهذا الخصوص، ليزيد الأمر سوءا، ومع أن هناك مبررات منطقية لسياسته الخارجية، إلا أن هناك موقفا سلبيا منها في الداخل الأمريكي من جهة، ومن قبل حلفاء أمريكا التاريخيين من جهة أخرى. تطمح أسرة آل بوش أن يفوز أحد أبنائها برئاسة أمريكا، لتسجل سابقة تاريخية، ولكن غزو العراق، وما تبعه من ردة فعل سلبية على الجمهوريين، وعلى آل بوش خصوصا، أجل هذا الحلم قسرا. هذا، ولكن سيرة أوباما، ومسيرته السياسية المتعثرة أعادت هذا الحلم مجددا، فقد أعلن الحاكم السابق لولاية فلوريدا، جيب بوش، ابن الرئيس بوش الأب (1988- 1992)، وشقيق الرئيس جورج بوش الابن (2000-2008)، أنه يفكر في الترشح للرئاسة، في 2016، والحاكم جيب بوش سياسي جيد، وفي حال ترشح، فإن فرصته بالفوز قوية، ففي ظل «القحط» الذي يعانيه الحزب الجمهوري، سيكون أحد أبرز المرشحين، إن لم يكن أبرزهم، فشكراً لأوباما من أسرة آل بوش، إذ أعاد لهم حلمهم التاريخي بأسرع مما توقع المتابعون!!.