لقد استبشر أبناء هذا الوطن بتعيين صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل بن عبدالعزيز وزيراً للتربية والتعليم؛ لما يملكه من سجل حافل بالإنجازات، بدءاً من تقلده منصب مدير رعاية الشباب في وزارة العمل والشؤون الاجتماعية في التسعينيات الهجرية؛ إذ أرسى دعائم تطوير الحركة الرياضية في المملكة، ومن أهمها تشييد استاد الأمير فيصل بن فهد وما تلاه من ملاعب واهتمامات بالألعاب الرياضية كافة، أيضاً تبنيه فكرة دورة الخليج التي أصبحت عنصراً مهماً في تطوير الرياضة في دول الخليج ووصولها إلى العالمية، وبعد هذه الإنجازات تم تعيينه من قِبل جلاله الملك فيصل - رحمه الله - أميراً لمنطقة عسير، وامتد ذلك أكثر من خمسة وثلاثين سنة، حقق فيها الكثير من الإنجازات، وجعلها من أفضل المصايف العالمية. وبعد ذلك تم تعيينه من قِبل خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز - حفظه الله - أميراً لمنطقة مكةالمكرمة، التي تجاوزت سبع سنوات، حقق فيها الكثير من الإنجازات، وتعامل مع بعض القضايا المعقدة، ولاسيما قضية البرماويين؛ إذ تمكَّن من وضع الحلول المناسبة التي تحفظ لهم إقامتهم، وتكيفهم مع الأنظمة القائمة في المملكة، وأخيراً صدر أمر خادم الحرمين الشريفين بتعيينه وزيراً للتربية والتعليم، الذي يؤكد بُعد نظره وثقته بسموه بأنه رجل المرحلة الحالية التي يحتاج إليها التعليم، باعتبار مشروع الملك عبدالله لتطوير التعليم قائماً، ورُصد له المليارات من الريالات، ويحتاج إلى استثمار هذا المشروع في نقلة نوعية تُسهم في تطوير التعليم في مملكتنا الغالية؛ لأن هذا المشروع حتى الآن لم تتضح ملامحه التي يترقبها المواطن حتى يكون للمملكة حضورٌ في مصاف الدول المتقدمة. علماً بأن المملكة تُعتبر من الدول العشرين المؤثرة في الاقتصاد العالمي؛ ما يجعل الآمال معلَّقة عليها بأن تكون حاضرة في منظومة الحياة وفي المجالات كافة، والتعليم هو الحاضن الأول لمنظومة المعرفة، وبدونه لا يمكن أن تتطور الأمة، والمملكة العربية السعودية في الوقت نفسه تحتضن الحرمَين الشريفَين اللذين من خلالهما تسطع الرسالة المحمدية لنبينا محمد - صلى الله عليه وسلم - التي تحمل السلام والخير للبشرية كافة، فهي قِبلة المسلمين وقادرة - بإذن الله - على أن تكون قِبلة مادية وحضارية تتجه الأنظار إليها من خلال معطيات منتظرة، تبحث عن الحكمة أينما كانت، فبلادنا في حاجة إلى تجارب التعلم، ولاسيما التي خاضتها دول تتشابه ظروفها وبيئتها مع ظروفنا. فالتجربة الماليزية الحديثة فيها الكثير من الإنجازات التي تحققت على أرض الواقع من خلال نظام تعليمي قوي، ساعدها على تلبية الحاجة من قوى العمل الماهرة، وقادها هذا النظام بفعالية في عملية التحوُّل الاقتصادي من قطاع تقليدي زراعي إلى قطاع صناعي حديث، يوظف التعليم اليوم كأداة حاسمة لبلوغ مرحلة الاقتصاد المعرفي القائم على تقنية المعلومات والاتصالات. هذا النجاح في السياسات التعليمية الماليزية أدى إلى تحقيق اقتصاد تراكمي من رأس المال البشري، الذي هو عمود التنمية وجوهرها، فقد أولت الحكومة عناية خاصة بالتعليم الأساسي والفني، واستُخدمت اعتمادات مالية كبيرة في مجالات العلوم والتقنية. هذه التجربة جديرة بمحاكاتها والاستفادة منها، إضافة إلى تجارب الدول الأخرى، مثل التجربة الكورية والسنغافورية. سائلاً الله العلي القدير أن يوفقكم لاستكمال مسيرة تطوير التعليم في مملكتنا الحبيبة. والله من وراء القصد.