على غرار الرئيس مانديلا، كان هناك مناضلون شرفاء، خلدتهم صفحات التاريخ، ومن أبرزهم مارتن لوثر كنج، ومالكوم اكس، بطلا حركة الحقوق المدنية، في منتصف القرن الماضي، في معقل العالم الحر، الولاياتالمتحدةالأمريكية، وقد كان تأثيرهما كبيراً في مجتمع الأقليات حينها، خصوصاً السود، كما أنهما أحدثا إرباكاً للنخبة الحاكمة، البيضاء، وقد كان نضال كنج امتداداً لنضال السيدة الحديدية، روزا بارك، والتي ضاقت ذرعاً بالعنصرية في عمق الجنوب الأمريكي، وفي ولاية الاباما الريفية، والتي تنضح العنصرية في كل ركن من أركانها، وكانت السيدة بارك قد قررت أن لا تستكين، فلم يعد لديها ما تخسره، بعد أن عانى بني قومها من السود الأمرين من نتن العنصرية البيضاء، فما كان منها إلا أن رفضت القيام عن مقعدها في الحافلة لرجل أبيض، فقد كان القانون ينص على وجوب تخلي الإنسان الأسود عن مقعده للإنسان الأبيض!، وحينها اشتعلت ثورة «حرية» سوداء لم تنطفئ إلا بحصول السود على كامل الحقوق التي يحصل عليها البيض، ومن منتجاتها النهائية انتخاب باراك أوباما لرئاسة أقوى دول العالم الحر، وهو الذي لم يكن ليستطيع التصويت قبل عدة عقود فقط! كنج، وإكس كانا عماد الثورة السوداء، وكان كنج هادئاً، ومسالماً، اشتهر بعبارته التاريخية «لدي حلم»، وهو الحلم برؤية السود، والبيض يعيشون جنباً إلى جنب، بحقوق متساوية في أغنى، وأكبر، وأقوى دول العالم الحر، ولم يرق حلمه هذا للنخب الحاكمة، خصوصاً مدير المباحث الداخلية (اف بي آي)، ادجار هوفر، والذي كان لا يخفي كرهه العميق لمارتن لوثر كنج، وكان كنج فصيحاً، ومقنعاً، وذا كاريزما صاخبة، إضافة إلى تأهيله الأكاديمي الراقي، فهو يحمل شهادة الدكتوراه، وكان بمقدوره تسيير المظاهرات السلمية، والتأثير على الناس بمختلف مستوياتهم، خصوصاً في عمق الجنوب، حيث تضرب العنصرية أطنابها بشكل متوحش ضد السود، وقد قابل كنج، كما مانديلا، كل هذه الكراهية من العنصريين البيض بالابتسامة، والحب، والكلمات الطيبة، الداعية إلى كل المعاني النبيلة، ولذا بدا دوماً منتصراً أمام كل من ينظر إلى الأمر بحيادية مطلقة، وقد نجح، مع مالكم اكس، في نهاية المطاف، ولكنه دفع حياته ثمناً لذلك، فقد أطلق عليه مجهول النار، وهو في شرفة فندقه، في ظروف غامضة، ويؤكد كثير من المؤرخين بأن الحادث كان مدبراً من قبل الرجل الحديدي، مدير الإف بي آي، ادجار هوفر، والذي استسلم، في النهاية، لقانون المساواة بين البيض، والسود مرغماً، ولكنه انتقم من مارتن لوثر كنج قبل أن يتم ذلك!!