يعجز القلم عن التعبير.... ويعجز العقل عن التفكير.... ويعجز اللسان عن التبرير.... وتصاب الكلمات بحالة ٍ تسمى العجز الكلي عن توثيق ما يدور بخاطري... فهناك أشخاص يمر علينا فراقهم مرور الكرام قد نحزن لهم ولكن الحزن لا يتجاوز الساعات لنعود كما كنا وتستمر الحياة على ذلك .. بينما هناك أشخاص يكون وقع فراقهم علينا كصاعقة نزلت علينا أو كضربة سيف هوت لتقطع أحد أطرافنا دون أن تُميتنا، هكذا كان اليوم الذي فيه شيّعت منطقة الجوف رجلا بحجم الأديب والمؤرخ سليمان الأفنس المزودي بعد نصف قرن من الكفاح والتدوين والتوثيق، فرحيل مثقف بحجمه ليس رحيلا ً عادياً فقد تركنا خلفه أجسادا قد تكون بلا روح ليعم الحزن أرجاءها... فقد كان من رحل عنا رجل الأدب والكلمة الصادقة والثقافة الجمّة ليترك خلفه فجوة كبيرة في جوف الجوف ومن الصعب أن نجد من يسدها. وقد كان- رحمه الله- من المجتهدين ثقافيا وإعلاميا ومن المؤسسين للنادي الأدبي في الجوف، وساهم من خلال مسيرته التي قضاها بين الكتاب والقلم وبين الثقافة والصحافة كاتباً وباحثا في الأثور والموروث الشعبي ومصنفاً في التاريخ والجغرافيا وساهم في إثراء الأدب والثقافه بأهم الكتب العلمية والأدبية والثقافية التي ستبقى مرجعا مهما للباحثين والمثقفين علاوة على المقالات الصحفية التي ينشرها في الصحف اليومية الوطني منها والأدبي والثقافي والسياسي عما يدور من حولنا من أحداث... سخّر قلمه لخدمة دينه ثم مليكه ووطنه، وكان له دور فعّال في إبراز أهم المعالم والآثار في منطقة الجوف، وكان صاحب أول كتاب علمي بحثي يصدر عن نبات السمح عام 1408ه ذلك النبات الذي يندر وجوده إلا في بسيطاء في منطقة الجوف ..وقد تكلم عنه بشكل موسّع... وكتاب علمي آخر بعنوان الإبل عند قبيلة الشرارات 1412ه أيضا ً له من الإصدارات السياسية كتاب الملك عبدالعزيز فارس الهوية العربية 1415ه أيضا الكتاب السياسي الآخر هدير الغضب في أدب حرب الخليج 1411ه أما من ناحية المؤلفات الأدبية فكثيرة أذكر منها: الدحة رقصة الحرب والسلم 1418ه وكتاب الشاعر والشيخ خلف بن دعيجاء ( مهودي على روس الفطّر ).أيضا كتاب اللحاوي رجل وقبيلة الذي صدر بمناسبة مرور خمسين عاما على تأسيس محافظة طبرجل 1427ه، هذا وقد ساهم في إبراز العديد من شعراء وفناني منطقة الجوف وذلك بالكتابه عنهم وإبراز مواهبهم الفنية أو الشعرية عندما شغل منصب محرر صفحة ثقافية في كثير من الصحف اليومية والمجلات الشهرية. أيضاً كان له من المؤلفات التي أثرى بها الثقافة وصدرت عن نادي الجوف الأدبي أذكر منها: 1- مواضع الصيد في شمال المملكة العربية السعودية 1427ه . 2- الجنادرية والفلسفة الحضارية 1427ه 3- بعض المنسوجات عن العرب. هذا بعض من كم قد سعى وأجتهد فيه ليرى النور وليكن مرجعا مهما للباحثين والمثقفين وهو قليل من كثير مما بقى حبيسا ٍ تحت مسمى مسودة جاهزة للطبع ولكن القدر حال بينه وبين إكمالها لترى النور. رحل ذلك الأديب المؤرخ عن هذه الدنيا ولكنه بقى معنا هامة يشار لها بالبنان ويستمد منها العلم والثقافة لأنه ترك لنا ذلك الإرث الثقافي الهام من تلك المجموعات الثقافية والأدبية والاجتماعية والسياسية داخل ثلاث مكتبات خاصة في منزله ستبقى على الأمد الحالي والبعيد مصدرا يستنير به كل باحث ومؤرخ يهتم في أي مجال، فهل ستكون هناك وقفة من أحد المسئولين أو رجال الأعمال في المنطقة لجعل إحدى تلك المكاتب مكتبة عامة في محافظة طبرجل ينهل منها العلم والثقافة كما أتمنى أن يكرّم ذلك المؤرخ على ما بذل من جهود سابقة بتسمية أحد الشوارع في محافظة طبرجل باسمه تكريما له ولما قدمه لوطنه من ثقافة وعلم.... أخيرا يقول الكاتب قاسم الرويس في إحدى تغريداته: (( حين تذكر الجوف نتذكر من معالمها البارزة قصر مارد وأعمدة (آثار) الرجاجيل وسليمان الأفنس الشراري غفر الله له). وعلى الخير نلتقي......أستودعكم الله...