العديد من الوزراء غادروا مناصبهم ومقاعد الوزارة وربما بعضهم غادر الدنيا، رحمهم الله رحمه واسعة خرجوا من كراسي الوزارات دون أن يحدثوا وميضاً إيجابياً أو يشعلوا نوراً من حولهم, الوزير د. محمد الرشيد - رحمه الله وأسكنه فسيح جناته وألهم ذويه الصبر والسلوان- منذ أن تولى منصب وزارة التربية والتعليم عام 1416ه - 1996م أحدث من حوله ضجيجاً إيجابياً كنا بحاجة إليه لفت الأنظار إلى وزارته, كانت وزارة التربية ضمن سياق عام وأصبحت بالرشيد وزارة تعبّر عن نفسها, فقد دفع بها إدارياً وإعلامياً من الصفوف المتوارية في الخلف إلى أن تتقدّم الصف خطوة أو خطوتين. د. محمد الرشيد يحب الحوار ويحب خصومة، بل إنه لا يعتبرهم خصوماً إنما محاورين, وكان يتحدث بشفافية وأن كانت وزارته ليست مطوعة له وليست لينة معه لأن بعض وكلائه ومساعديه ومسؤولي الوزارة لا يوافقونه الرأي والمنهجية التي يعمل بها وهو يعلم ذلك ويعرفهم لكنه يستمر في طرح الآراء ويراهن على الوقت وما يملكه من حجة ومعتقدات وآراء في إقناعهم. جاء د. محمد الرشيد في ظرف تاريخي عصيب على المملكة بعد أن دخلت بلادنا طرفاً في حرب الخليج الثانية بعد أن فرضت عليها عام 90م, احتلال العراق للكويت ثم التحرير عبر القوات الأمريكية والحلف الأطلسي, حيث تواجدت القوات الأمريكية والغربية في الخليج وما رافقه من بعض ردت فعل الداخل السعودي والخليجي لوجود القوات الأجنبية.. واستمر الرشيد حتى عام 2005م, وحدثت خلالها أحداث 11 سبتمبر 2001م في أمريكا, ثم غزو القوات الأمريكية لأفغانستان, وغزو العراق 2003م, وهي فترة مضطربة وقلقة كانت أوضاع بلادنا في أشد أزماتها خاصة بعد أحداث 11 سبتمبر وما جرت وراءها من تهديدات للمملكة وضغوط دبلوماسية وسياسية تأزمت معها جميع أجهزتنا لمواجهة تلك الضغط, وكانت وزارة التربية والتعليم محور تلك الضغط، حيث اتهمت مناهج التعليم والسياسة التعليمية التقليدية وانكفاء الداخل ونقص البعثات التعليمية إلى الخارج, وبالمقابل د. محمد الرشيد يقود وزارته وسط تجاذبات بين تيارات وآراء كتل ونخب وتداخل المصالح, رغم أن الرشيد كان يؤمن بالحوار وربما المجادلة والنقاش إلا أن التيارات والتجاذبات أقوى من أن يواجهها بصفته وزيراً للتربية والتعليم التي يفترض أن يتم تجنيبها تبعيات أحداث 11 سبتمبر. مضى د. الرشيد عن عالمنا ورحل إلى دار الآخرة، نسأل الله له الثبات وأن يغفر له ويرحمه فقد كان وزيراً محاوراً يتصدى للمشكلات حاول نقل التعليم إلى مراحل جديدة فحقق ما استطاع أن يحققه, والتعليم يحتاج الآن إلى محاور آخر لينقله إلى المربع الذي نحلم أن نصل إليه ويرضى عنه مجتمعنا.