أقر وزير التربية والتعليم الأسبق الدكتور محمد بن أحمد الرشيد، بأنه بذل قصارى جهده عندما كان وزيراً للتعليم في بلاده، من أجل إصلاح المناهج الدراسية كلها، غير أنه فشل في المناهج الدينية ونجح في الرياضيات والعلوم، التي استطاع أن يوقع عقداً بتطويرها قيمته «بليون» ريال، قبل أن يغادر عمله. وروى الرشيد في لقاء تلفزيوني، بثته قناة «الصفوة» أخيراً أنه قدم خطته لتطوير المناهج الدينية قبل أن تنشأ موجة الإرهاب في المملكة بعد 11 أيلول (سبتمبر)، وقرأها على مفتي السعودية الراحل الشيخ عبدالعزيز بن باز مرات عدة، وبعد أن أجرى عليها بعض التعديلات البسيطة أقرها، وكلف مشايخ يثق بهم أن يتابعوا مع الوزارة تنفيذها، إلا أنه كما يقول الوزير الأسبق، عندما بدأنا في تحويل الخطة إلى عمل أحجموا، واعترضوا صراحة على المضي مع الوزارة في ترجمتها إلى واقع ملموس. وحول ما واجه به الرشيد تلك المعارضة، ألمح إلى أن التطورات تجاوزت رفض المشايخ المكلفين، إلى معارضة عامة، وضغط من التيار الديني، أثمر في إجهاض تطوير المناهج الدينية، التي كنت قدمت بخطة تطويرها باكراً. وفي وقت كان معظم السعوديين يعتقدون أن المناهج الدينية طاولها التغيير بعد وضعها تحت دائرة النقد في سنوات مضت، شكك الرشيد في ذلك، مشيراً إلى أنه لا يعلم أن تطويراً شاملاً حدث، وإنما هنالك بعض التعديلات البسيطة»، «مثل أنهم كانوا عندما جئت للوزارة يحظرون على من قبلي وضع صور في مقرر التوحيد فألغيت ذلك، وأمرت بالتعامل معه مثل بقية المقررات». غير أن الرشيد الذي أقر أنه لا يقر المناهج الدينية على وضعها الحالي، أكد أيضاً أنه لا يرى لها أية علاقة بالتطرف والإرهاب، وإلا لكان معظم السعوديين متطرفين، ولما كان غير السعوديين الذين درسوا خارج المملكة من بينهم متطرفون. بينما اعتبر المشكلة الأساسية في عدم مناسبة المنهج للأعمار التي تدرسه، وعدم صياغته بطريقة عصرية، ممثلاً ببعض تفاصيل مقرر الفقه في الرابع الابتدائي، عن الماء الطهور المختلط بحبر أو مرق. وأما موضوع الولاء والبراء الذي أثار جدلاً في عهد الرشيد، فقال بصريح العبارة: «الولاء والبراء عندما كنت في الوزارة حاولت التخلص منه، لكنني فشلت مع الأسف، وأظنه ما زال موجوداً»، لكنه نبه إلى أن اعتراضه ليس على المفهوم نفسه وإنما في تدريسه لمراحل يصعب عليها استيعابه. ومن الطريف في اللقاء الذي بثته أخيراً قناة «الصفوة» ضمن برنامج «باغي الخير» الذي يقدمه الزميل مصطفى الأنصاري، أن الرشيد نفى أن يكون لديه علم بوجود تيار إخواني في تعليم بلاده الذي أداره على مدى 10 سنوات، لكنه لم ينفِ وجود تيار إسلامي متعصب لا يدري إلى أية جهة ينتمي، وأن ذلك التيار هو المسؤول عما كان يسميه الرشيد «المنهج الخفي». لكنه أقر بوجود ملاحظات على سياسة التعليم في المملكة وأن معظم موادها لم تعد مناسبة لهذا العصر، مما دفعه إلى الرفع بمقترحات لتعديلها، وإنشاء نظام بديل عنها للتعليم أشمل وأعم. وعن أساس مشكلته مع التيار الديني حتى قبل نشأة التطرف، قال إنه لا يدري ما المشكلة إلا إذا كانوا ضاقوا ذرعاً بطول ثوبه وحلقه لحيته، «حتى إنني داعبت أحدهم ذات مرة وقلت له، إنني أخشى إن أعفيت لحيتي أن تهجرني زوجتي في الفراش». موضحاً أنه بذل كل محاولاته لإصلاح مشكلات هذا التيار معه عبر الحوار والنقاش، بل إنه - كما يروي - وجهه الملك فهد رحمه الله بالاقتراب من المشايخ وتصحيح وجهات نظرهم حوله، ما أحوجه إلى مجاورتهم في الطائف في الإجازات ومحاورتهم في بعض نقاط الاختلاف، لكنه كما يعتقد في الوقت الذي كسب إلى جانبه عدداً منهم، بقيت منهم أعداد تمسكت برأيها ضده.