من حسنات سوق عكاظ أنها أتاحت الفرصة لمن لا يعرفون الطائف للتعرف على هذه المدينة الجميلة وإمكاناتها السياحية الكبيرة، وهي إمكانات غير مستثمرة بكل أسف بما يكفي! تتمتع الطائف، كما يعرف معظمنا، بطبيعة جميلة وبطقس لطيف. وقد تزامن انعقاد مهرجان سوق عكاظ مع هطول أمطار خفيفة أضفت على المدينة وضواحيها جمالاً أخَّاذاً، خاصة أوقات العصر. عندما تذهب إلى الطائف وتزور الهدا والشفا ولِيَّة والرُّدَّف والوهط والوهيط ووادي وِجْ والأماكن الجميلة الأخرى التي تتمتع بإمكانات سياحية كبيرة تشعر أن بالإمكان أن تصبح الطائف مركز جذب سياحي مهم، خصوصاً بعد أن أقفرت مراكز السياحة والاصطياف العربية الشهيرة من روادها بسبب مصائب السياسة وفِتَنِها. لكن السياحة ليست مجرد معالم جميلة وطقس بديع. إنها «صناعة» ذات قواعد وتقاليد، وهي الصناعة التي جعلت من دبي مركزاً سياحياً وتجارياً يضاهي بيروت رغم الفارق الكبير بين الطقس ومعالم الطبيعة في كل من دبي ولبنان. فمهما كانت الطبيعة جميلة ساحرة ومهما كان الطقس لطيفاً بديعاً فهما وحدهما لن يصنعا من بلدٍ ما نقطة سياحية جاذبة، ولو كان الطقس والطبيعة وحدهما كافيين لقيام نشاط سياحي ناجح لكانت القرى الساحرة في بعض أنحاء آسيا وإفريقيا أكثر جذباً من العديد من الوجهات السياحية العالمية الشهيرة التي يتسابق السياح لحجز فنادقها وشققها المفروشة. قرأت أثناء حضوري فعاليات سوق عكاظ بعض الكتيبات التي وزعتها الهيئة العليا للسياحة والآثار والتي تتحدث فيها عن الطائف وغيرها من الأماكن السياحية والآثارية في المملكة، وسمعت لاحقاً عن برنامج باسم «إجازتي سعودية» أعدته الهيئة وتكون مدينة الطائف هي المكان الذي سينفذ فيه في إحدى مراحله. كل هذا جيد من الناحية التوعوية، لكن المطلوب هو النهوض بالأنشطة السياحية الجاذبة التي يذهب الناس إلى دبي، مثلاً، من أجل التمتع بها. أجزم أن التوعية مهمة، لكنني أجزم أيضا أن الأهم هو توفير أنشطة سياحية حقيقية. فالناس في زمننا الحاضر لا يعدمون الوسائل السهلة السريعة التي يعرفون من خلالها كل ما يريدون معرفته والوصول إليه من المعلومات عن أماكن الجذب السياحي ليس في السعودية فقط بل حتى في أبعد نقطة من العالم بفضل الإنترنت وقنوات الاتصال المختلفة. وما ينطبق على الطائف ينطبق على أخواتها مثل منطقة عسير ومنطقة الباحة اللتين تتمتعان بطبيعة وطقس بديعين، ومناطق الآثار والمعالم السياحية مثل مدائن صالح ودومة الجندل ونجران والأحساء وغيرها. نريد من الهيئة العليا للسياحة والآثار أن تكسر الحواجز النفسية والتابوهات التي يصطنعها البعض لمحاربة السياحة، خصوصاً بعد أن أصبح هذا البعض من أبرز رواد السياحة ليس إلى ماليزيا وأندونيسيا فقط بل لما هو أبعد من ذلك وبعدما أصبح الناس يرونهم في تلك الأماكن ويتعجبون! [email protected] ص.ب 105727 - رمز بريدي 11656 - الرياض **** alawajh@ تويتر