الحمد لله على نعمه ولطفه, كم كانت الفرحة كبيرة حين سمعنا بخبر عدم إصابة الطفلة رهام الحكمي بمرض الايدز وعودتها سالمة إلى أهلها ومدينتها, ونتوجه إلى أهل الطفلة بالمباركة فلقد مروا بظروف نفسية صعبة وشديدة للغاية لا يحسدون عليها, لكنه ابتلاء من الله نقول لهم, والله عز وجل لا يبتلي إلا من يحب, فهنيئا لكم حب خالقكم وهنيئا لكم شفاء قرة أعينكم, ويبقى لنا في القصة هذه ما نرويه من عبر ودروس علنا نتعظ وعلنا نتلمس كيف نواجه مثل هذه الحالات مستقبلا. بداية القصة في وزارة الصحة ليس في الخطأ الطبي الذي زعم أنه وقع, ولكن في طريق تعاملها مع الأمر, وكنت سابقا في مقالة لي قد ذكرت مشددا على أن وزارة الصحة بحاجة إلى يوم في الأسبوع تقدم فيها بيانها الإعلامي عبر مؤتمر صحفي, هذه مشكلة يجب معالجتها، فالأخطاء تحدث وتقع بطبيعة الحال, ونعلم أنه لا أحد يحب وقوع الأخطاء وأنه هناك من يعمل لتقليل حدوثها ونتائجها, ولكن ايضا على المجتمع ان يعلم بهذه الجهود والإجراءات وقصة رهام بينت لاحقا ان وزارة الصحة والخدمات الصحية لدينا مفخرة رغم وجود بعض السلبيات الطبيعية لأي عمل. المحور الثاني في قصتنا هو الإعلام برمته ككتلة واحدة, نعم مما لا شك فيه انه السلطة الرابعة وصوت من لا صوت له, وأنه في تركيزه على قضايا معينة فإنه يساهم في حلها، وهذا ما هو مفترض منه دائما, لكن أيضا كتلة الاعلام فيها من الانحرافات الكثير التي تحتاج إلى معالجة وتصويب, فتضخيم الأمور والمبالغة في الطرح والتوقع غير السليم لحجم النتائج لا يساهم أبدا في تطوير المتجمع, بل هو أهم عوامل الهدم والتراجع للوراء, الإعلام سلاح إن لم يكن في خدمة الوطن فهو بالتأكيد معول يهدم منجزات الوطن, التعاطي مع قصة رهام كان فيه نوع من الشذوذ الإعلامي, هذا درس نتعلمه بعد تبين عدم إصابتها بالايدز ان ما نشر مضخما عن رهام وحالتها كان معولا هداما ولم يكن سيفا مدافعا. في قصة رهام هناك زاوية أود الارتكان إليها قليلا, وهي ما تم نشره عن مجموعة الحكير ممثلة برئيسها الشيخ عبدالمحسن الحكير الذين أعلنوا عن تقديم الدعم والمساندة لرهام, طبعا سبقهم بذلك صاحب السمو الملكي الامير محمد بن ناصرأميرمنطقة جازان ذلك بتوفير بيت لرهام وأهلها, ولكنها ليست غريبة على آل سعود ولا على صاحب السمو فهي منتظرة متوقعة منهم وجوبا بحكم منهجهم في الحكم ورعاية الناس والاهتمام بأحوالهم, لكن بالنسبة للحكير فهي وجهة نظر مختلفة, لأنها حقيقة مساهمة القطاع الخاص في قضايا المجتمع بعيدا عن الفكر الربحي, مساهمة في الحل وفي تقديم العون ليس من قلة لدى حكومتنا او عجز, ولكن وطن كالمملكة مترام متسع المساحات يحتاج إلى جهود جبارة خارقة لتوفير الدعم لكل محتاج له, لهذا يأتي دور القطاع الخاص والمجموعات والشركات الناجحة في المساهمة بتحمل جزء من هذه المسؤولية لخدمة المجتمع, ما فعله الحكير يحتاج إلى تركيز إعلامي ليس من أجل الإطراء على الحكير، وإنما لتحفيز البقية وكبار رجال الأعمال ليحذو حذوه والإفصاح عما يقومون به تشجيعا لغيرهم. لنبني فكرا في تطوير المجتمع, ولنخفف من حدة التمسك بالأفكار الخاصة بالستر عند تقديم العون, او عدم الرغبة في الإعلان عما يقدم من خير لوجه الله, فمرضاة الله ليس فقط في تقديم العون وإنما أيضا تشمل المساهمة في زيادة رغبة الناس في تقديمه بالاقتداء بغيرهم من خيرة المجتمع. وسلامات والله يا رهام.