كانت السندات الإسلامية تقدم في السابق تمويلا رخيصا لقلة محظوظة من المستثمرين. وكان ينظر للصكوك يوما على أنها مصدر مرتفع التكلفة لتمويل الحكومات والشركات. الأمر الذي جعل هناك قاعدة متنامية من رؤوس الأموال المخصصة لهذه الإصدارات والتي ساهمت بدورها في جعل الصكوك أقل تكلفة من نظيرتها التقليدية. وهذا ما جعل مسؤول كبير في» دويتشه بنك» يعلن في يوليو من السنة الماضية إن علاوة إصدار الصكوك التي تدفعها الجهة المصدرة للصكوك بدلا من السندات التقليدية لم تعد موجودة عمليا وهذا يعزز انتعاش سوق إصدارات الصكوك ويطيل آجال الاستحقاق. وقال صلاح الجيدة رئيس التمويل الإسلامي في دويتشه بنك والمدير الإقليمي للبنك في قطر في مقابلة مع رويترز «لا أعتقد أنه هناك علاوة على الإصدارات الإسلامية.» إلا أن الواقع قد تغير الآن. فقد تجدد نشاط سوق السندات الأولية في منطقة الخليج بعد ركود على مدى شهرين بإصدارين في أسبوع واحد لكن مستويات التسعير توحي بأن التكاليف قد تظل مرتفعة على بعض المقترضين في هذه المرحلة. وباعت البحرين مؤخرا سندات سيادية لأجل عشر سنوات بقيمة 1.5 مليار دولار وبعائد 6.20%. وكانت قد عقدت لقاءات مع المستثمرين الشهر الماضي لكنها أرجأت الإصدار لحين عودة الاستقرار إلى الأسواق العالمية بعد الهلع الذي سببه احتمال تشديد السياسة النقدية الأميركية.وكان الإرجاء موفقا إذ انخفضت عوائد السندات على مستوى العالم واستفادت البحرين بإصدار سنداتها. وخلال فترة توقف في السوق على مدى شهرين كانت العملية الكبيرة الوحيدة في الخليج هي صفقة بقيمة 630 مليون دولار من شركة طيران الإمارات لتأجير طائرات. وبلغت قيمة طلبات الاكتتاب في السندات البحرينية نحو ثمانية مليارات دولا. لكن تحديد عائد استرشادي مرتفع للغاية عند 6.50% يوحي بأن البحرين لم تكن واثقة تماما في قوة الطلب. وقدمت البحرين في نهاية المطاف علاوة إصدار جذابة في الصفقة بين 20 و35 نقطة أساس. وسعرت محطة الشويحات 2 للكهرباء والمياه في أبوظبي يوم الخميس سندات بقيمة 825 مليون دولار بعائد 6%. لكن السعر الاسترشادي الأولي لهذه الصفقة كان قد تحدد عند 6.25% يوم الثلاثاء وهو ما يوحي أيضا بأن المقرضين يشعرون بحاجة لتقديم عروض جذابة.وحتى أواخر 2011 كان مصدرو الصكوك يدفعون علاوات إضافية لأنهم يستهدفون قاعدة أصغر من المستثمرين ولعدم اعتياد المستثمر على هياكل الصكوكثلما هو الحال في السندات التقليدية. وتستفيد الصكوك إلى حد ما من نفس الإقبال على الأصول الآمنة الذي جعل المستثمرين يقبلون على أدوات الديون السيادية الغربية. لكن الطلب الضخم من المستثمرين على الصكوك في العام الماضي والناتج عن اقبال صناديق الاستثمار الإسلامية الغنية بالسيولة وذيوع صيت الخليج كملاذ آمن يوفر عائدات مرتفعة نسبيا.. غير أوضاع السوق. وذكر» الجيدة» أنه فضلا عن تحفيز حركة الإصدارات فإن الشعبية الجديدة للصكوك ستسمح للمصدرين بإطالة آجال الاستحقاق لأكثر من الخمسة أعوام التي كان أغلب المصدرين يستخدمونها في السابق. وقال «ستكون الصكوك جذابة للآجال الأطول وسيتم استخدامها للإنفاق على البنية التحتية مثلا. وهذا مشجع جدا. هذا سيسمح لكثير من المصدرين من الجانب التقليدي بدخول الأسواق الإسلامية.» وتكافح سوق الصكوك التي لا يزيد عمرها عن عشر سنوات للوفاء بالطلب على إصدارات عالية الجودة. وتخطط عدة حكومات لإصدار صكوك سيادية دولية لأول مرة منها جنوب أفريقيا ودول في أفريقيا جنوب الصحراء. وتعد الجهات الحكومية وشبه الحكومية في الإمارات وقطر من أكثر مصدري الديون في الخليج وتراجع معدل الإصدار من جانب المؤسسات الدولية في المنطقة. وتوقع الجيدة أن يتغير هذا الوضع لأسباب منها طفرة الصكوك. وقال الجيدة «نتوقع أن يصبح إصدار الصكوك من الشركات اتجاها عاما. سيكون هناك صفقات من الحجم المتوسط لكن معظم الشركات العائلية تدرس خيارات تمويل قصير إلى متوسط الأجل.» وأضاف «قد تكون البنوك الكويتية واحدة من مجالات النمو في المستقبل لأنه لم يدخل أي بنك كويتي سوق الصكوك حتى الآن.» ومن المنتظر بحسب المسح الذي أجرته تومسون رويترز أن ينمو الطلب على السندات الإسلامية إلى المثلين تقريبا من حيث القيمة على مدى السنوات الأربع القادمة مدفوعا بنمو اقتصادي قوي في الشرق الأوسط وآسيا وامتداد الصكوك إلى أسواق جديدة. حيث تتوقع الدراسة زيادة الطلب العالمي على الصكوك من 240 مليار دولار في عام 2012 إلى 421 مليار دولار عام 2016. وتشير الدراسة إلى أن معروض الصكوك بالأسواق العالمية سيشهد نموا أيضا متوقعة أن تزيد الفجوة بين الطلب والعرض إلى أكثر من 280 مليار دولار في السنوات الأربع المقبلة. وفيما يخص العملات المفضلة، فضل غالبية مستثمري الخليج الصكوك المقومة بالدولار. وتنوعت تفضيلات المستثمرين الآسيويين بين الدولار والرنجتالماليزي وعملات أخرى. يقول الدكتور سيد فاروق رئيس أسواق المال الإسلامية العالمية في تومسون رويترز أن « الصكوك خرجت أخيرا من الحيز الضيق لتصبح أداة فريدة في السوق وتدخل حقبة جديدة كبديل عالمي للسندات التقليدية. لكن بعيدا عن النظرة الوردية تواجه سوق الصكوك تحديات قد تبطئ وتيرة نموها أو تسد آفاق النمو تماما. وهناك قصور في مجالات كصيغ الصكوك والوثائق الخاصة بها وحقوق المستثمرين والشفافية والسيولة بالسوق الثانوية نتيجة نقص عدد صناع السوق الجادين وعدم وجود بنك إسلامي كبير (ميجا بنك .» صكوك هجينة من ناحية أخرى،قالت مصادر مصرفية لرويترز إن شركة المراعي السعودية اختارت أربعة بنوك لترتيب إصدار صكوك هجين سيكون الأول من نوعه في سوق الديون بالمملكة. وقال مصرفيان إن المراعي أكبر شركة منتجات ألبان في الخليج فوضت ذراع الأنشطة المصرفية الاستثمارية للبنك السعودي الفرنسي وبنك بي.ان.بي باريبا ووحدة اتش.اس.بي.سي في السعودية وستاندرد تشارترد لترتيب الصفقة. وقال أربعة مصرفيين طلبوا عدم نشر أسمائهم لأن المعلومات سرية إن من المرجح إصدار الصكوك بالريال السعودي لكن الدولار خيار قائم أيضا. وأضافت المصادر أن الإصدار ليس وشيكا. وقال مصرفي يعمل بالسعودية تقدم للصفقة ولم يقع الخيار على مؤسسته «الريال والدولار خياران مطروحان على الطاولة.» وتعد الهياكل الهجينة نادرة في منطقة الخليج لكن مصرفين في الإمارات اختبرا السوق بصكوك هجين منذ العام الماضي. وعقدت مجموعة ماجد الفطيم الإماراتية لقاءات مع مستثمرين في مايو ايار قبل طرح سندات هجين محتمل لكن ظروف السوق غير المواتية عطلت إتمام الصفقة. والإصدارات الهجين تكون عادة ديونا ذات أولوية سداد ثانوية بميزانية الشركة وتتمتع ببعض مواصفات الأسهم. وأبلغ بول لويس جاي المدير المالي للمراعي الصحفيين في مايو ايار أن الشركة قد تصدر صكوكا هجين خلال 12 شهرا للمساعدة في تمويل خطط النمو الطموح للشركة بقيمة مستهدفة نحو 500 مليون دولار. وأعلنت المراعي في مايو 2012 أنها تستهدف إنفاقا رأسماليا قدره 15.7 مليار ريال (4.2 مليار دولار) في خمس سنوات لتمويل توسعات. ويأتي ذلك بعد استحواذ الشركة في ديسمبر كانون الأول 2011 على شركة فوندومونتي الارجنتينية المتخصصة في إدارة المزارع لتأمين إمدادت العلف الحيواني. لكن جاي قال في مايو إن الشركة تتطلع لجمع هذه الأموال من مستثمرين دوليين وليس من سوق الديون المحلية. وذكر المصرفي الذي يعمل بالسعودية أن ثمة جوانب إيجابية وسلبية في كلا الخيارين المتعلقين بالعملة. وتتمتع سوق الديون المحلية بسيولة كبيرة وتستطيع الشركة الحصول على سعر أفضل في وجود طلب كبير. في المقابل سيكون المستثمر الدولي أكثر قبولا بالهيكل الهجين لأن عدة شركات استخدمته في مناطق أخرى من العالم. واعتمدت الشركات السعودية في السابق على القروض المصرفية وتجنيب الأرباح لتمويل التوسعات. لكن كثيرا من هذه الشركات الآن تنوع مصادر تمويلها من خلال سوق السندات. ودخلت المراعي سوق اديون في مارس اذار بصكوك قيمتها 1.3 مليار ريال كانت ثاني صكوك لها بالعملة المحلية. وأعلنت الشركة مؤخرا زيادة في أرباح الربع الثاني بلغت 4.9 في المئة على أساس سنوي بفضل نمو أعمالها الرئيسية.