مبكرا هجر الكاتب المصري «أحمد هريدي» الشعر بعد أن أصدر ديوانه الوحيد «الحب يسألكم المغفرة»، لينخرط في مجالات الترجمة والتخصص في كتابة أدب الرحلات الذي أنجز فيه ستة كتب، لكن هذا لا ينفي أن أدب الرحلات مغبون لدى المؤسسات الثقافية والنقاد، وفي هذا فقد فاز «هريدي» بجائزة «ابن بطوطة» الإماراتية في فرع أدب الرحلات عن كتابه «تونس البهية»، حيث وصفه بيان لجنة التحكيم بأنه «نص أدبي بارع يمزج بين وقائع التاريخ بملامح الجغرافيا، ويقدم العديد من الأعلام العربية والأجنبية». هنا حوار مع الكاتب «أحمد هريدي» فإلى التفاصيل. * لك أكثر من تجربة في ترجمة الرواية، هل تعتقد أن مترجم الأدب لابد أن يكون أديبا؟ - أنا أترجم الشعر من الإنجليزية إلى العربية، أستعيد تجربة الشاعر وأعيشها عبر التفكير في صوره الشعرية، وعملية التقمص هذه تمتعني وتجهدني في الوقت نفسه، وربما أجد فيها التعويض عن الشعر الذي توقفت عن كتابته بإرادتي الحرة من زمن. أما عند شروعي في ترجمة الرواية الأدبية، فأنا أعد نفسي للقيام برحلة إلى فضاءات المدينة التي تدور فيها أحداث الرواية وحركة شخوصها، وهنا ربما أجد أن تجربتي في كتابة نص الرحلة تتماثل على نحو ما مع خوضي غمار تجربة القيام بترجمة الرواية الأدبية، خصوصاً إذا كانت الرواية تحمل قدراً من الطاقة الشعرية أو نبض الشعر. * هل تسافر بالفعل إلى أماكن الرواية أم أن المسألة محض خيال؟ - أثناء قيامي بترجمة رواية «شعب يوليو» للروائية الجنوب أفريقية «نادين جورديمر» يمكنني القول: إنني سافرت عبر أجنحة الخيال إلى جنوب إفريقيا التي تدور فيها أحداث الرواية، وأيضاً سافرت في الخيال إلى القرية الهندية التي تقع على حدود نيبال والهند، وإلى نيويوركولندنوأكسفورد، وهي فضاءات الأمكنة التي جرت فيها أحداث رواية «ميراث الخسارة» للروائية الهندية «كيران ديساي» كما سافرت إلى نيجيريا أثناء ترجمتي رواية «زهرة الكركديه الأرجوانية» للروائية النيجيرية «تشيماماندا أديتشي». * لكنك سافرت بالفعل إلى أمريكا فهل استفدت من ذلك في الترجمة؟ - أثناء ترجمتي الجزء الخاص بالشخصية الروائية «بيجو» في «ميراث الخسارة» وجدت نفسي أكتب تجربة حياتية عشت أجواءها وتفاصيلها أثناء وجودي لأربعة أشهر بحي مانهاتن في مدينة نيويورك، كما أنني استعدت تجربة السنوات الأربع التي أمضيتها في لندن وغيرها من المدن البريطانية خلال ترجمتي الجزء الخاص في الرواية نفسها الذي يروي الفترة التي أمضاها القاضي في دراسة القانون في مدينة أكسفورد. * وكيف تفهم عملية الترجمة على هذا الأساس؟ - الترجمة ممارسة ثقافية تهدف إلى تواصل الثقافات من بيئة إلى أخرى ومن مجتمع إلى آخر، وفي اعتقادي أن من يقدم على فعل الترجمة يتعين عليه أن يكون على يقين أنه يقوم بعمل إبداعي من خلال قيامه بإنتاج نص مواز، وألا يقنع بكونه مجرد ناقل لعمل إبداعي من لغة إلى أخرى. * توليت رئاسة تحرير مجلة «الشعر» القاهرية في فترتين مختلفتين، وأحدثت خلالهما طفرة فى سياسة تحريرها، كيف ترى هذه التجربة؟ - خلال الفترتين المختلفتين اللتين توليت فيهما رئاسة تحرير مجلة «الشعر» كنت أشبه نفسي بالبستاني الذي يحافظ على حديقة الشعر حتى لا تستبيحها الأيدي فتقطف ورودها وتقطع عنها ماء الحياة، وكبستاني لمجلة «الشعر» كانت سعادتي كبيرة بوصف الناقد الجميل الراحل «رجاء النقاش» للمجلة بأنها «وردة على صدر وزارة الإعلام. وكبستاني في حديقة مجلة «الشعر» آثرت أن تتفتح كل ألوان الورود دون إقصاء متعمد لنوع أو للون شعري، كما أوليت عنايتي الفائقة بورود لم تكن قد أعلنت بعد عن عطرها الواعد الآتي. * ما مشروعك الإبداعي المقبل سواء في أدب الرحلة أم في الترجمة؟ - آمل أن أستكمل رحلتي إلى دول المغرب العربي ليبيا والجزائر وموريتانيا والكتابة عنها، ربما لأن المغرب العربي يعرف عنا في المشرق أكثر مما نعرفه نحن عنه، وكما سافرت إلى أمريكا والسويد والصين والتشيك وسلوفينيا وتركيا ولبنان، أرجو أن أسافر إلى الهند وأمريكا اللاتينية، و لدي شوق للكتابة عن واحات مصر ووديانها وسواحلها.