دعاة الفرقة، وعملاء الفتنة، وأعداء السلام، والدعة والخارجون عن النظام والمارقون عن طريق الحق، يظهرون في كل زمان ومكان. وهذا ما سجله تاريخ البشرية على امتداده الطويل، ولعل القاسم المشترك بين أولئك العابثين والمفسدين هو الحقد والكراهة، والبحث عن ضياع المصالح الخاصة والعامة. ولقد تعرضت بلادنا الغالية، المملكة العربية السعودية، مهبط الوحي وقبلة المسلمين لمحاولات لزعزعة الأمن وإثارة الفوضى، من قبل أناس تسربلوا بثياب الإصلاح، وتوشحوا بأوشحة الخير، وأظهروا ما لا يبطنون، وما أولئك بمصلحين بل هم رأس الفساد ومطية مطيعة لأجندة خارجية تسعى لهدم قيم الترابط والتلاحم بين الحاكم والمحكومين، تحت أغطية تحقيق العدالة والمساواة في شتى جوانب الحياة، وما أفعالهم وأقوالهم إلا عصيان وتمرد عن تعاليم الدين القويم الذي يدعو إلى الوحدة ونبذ الفرقة والتمزق والتشرذم والانصياع لطاعة ولي أمر المسلمين، يقول الله تبارك وتعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ} (59) سورة النساء، فالطاعة واجبة والبيعة في الرقاب لازمة لولي الأمر الذي يحكم الكتاب والسنة ويقيم شرع الله على كل داخل في البيعة أو في ذمة الإسلام والحاكم المسلم. إن ما نقرأه عبر وسائل الإعلام عما يصدر من أناس انتسبوا للإسلام وانتموا لهذه البلاد لا يعدو كونه إلا أعمالاً زينها الشيطان لأصحابها، فالشيطان سوَّل لهم وأملي لهم، وظنوا بصحة ما أقدموا عليه، وظنوا أنهم يحسنون صنعاً وما هم إلا أبعد الناس عن الحق والصواب والخير. ولن يكون رادعاً لهم إلا الشرع الحنيف وتعاليمه السامية التي تحقق الخير وتمنع الشر والفساد للبلاد والعباد. ويأتي المنظرون والمغررون بالشباب في طليعة الفاسدين والمفسدين الذين علموا حق اليقين أن قوة وعماد الأمة هم شبابها، فنصبوا شراكهم وحبائلهم كما ينصب الشيطان حبائله لبني آدم، فأولئك المنظرون والمغررون خونة شقوا عصا الطاعة وهموا بشق الصف، فما هم من تجار المخدرات ببعيد، وإن اختلفوا معهم في النشاط فهم قد اتفقوا على إفساد الشباب وهدم قيم المجتمع والبلاد، وبالرغم من جهود الدولة - وفقها الله لكل خير - في احتواء الشباب وتصحيح المفاهيم الخاطئة لديهم عبر وسائلها الإعلامية والمؤسسية كمركز الأمير محمد بن نايف وزير الداخلية - حفظه الله ورعاه - للمناصحة والرعاية، ما زلنا نقرأين فينة وأخرى عودة بعض الخاضعين لبرامج المناصحة والرعاية في ذلك المركز الإنساني القائم على المناصحة والرفق، وبيان الحق لمن التبس عليه الأمر حتى أصبح بالإمكان للمناصح أن يختار الشيخ الذي يرى فيه قبولاً في النفس وارتياحاً في الأسلوب. لذا بقي أن تقوم مؤسسات الوطن الإعلامية والتعليمية والرياضية والاجتماعية بدورها تجاه صيانة فكر الشباب وحمايته، من خلال إقامة البرامج الحوارية والتوعوية والتثقيفية، مع ضرورة إقرار فقرات تعنى بالفكر المتزن والحوار المتمدن ضمن اختبارات القدرات لطلاب وطالبات التعليم العام حتى لا تصل إليه لوثات التغرير والتحريض من قبل أناس انتسبوا للإسلام الحنيف وتسربلوا بعباءة الدين، وهو منهم براء كبراءة الذئب من دم يوسف بن يعقوب عليهما السلام، والله الهادي إلى سواء السبيل.