للسنة النبوية مكانة عظيمة ومنزلة جليلة في دين الإسلام. لأن سنَّة النبي صلى الله عليه وسلم تأتي في المرتبة الثانية بعد القرآن العظيم. وذلك لأن أول أصول الدين هو كتاب الله جلَّ وعلا الذي أنزله على رسوله محمد صلى الله عليه وسلم بالهدى والبيان. والأصل الثاني هو سنّة النبي صلى عليه وسلم. وما بعدهما من أصول الأدلة راجع إليهما. فأساس أصول الأدلة في الإسلام هما هذان الأصلان العظيمان كتاب الله وسنَّة رسوله صلى الله عليه وسلم. ولهذا أوصى بهما رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: «إني تارك فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا.كتاب الله وسنّتي». «رواه الإمام مالك». وذلك لأن السنة النبوية وحي من الله جلّ وعلا أوحاه إلى رسوله صلى الله عليه وسلم. كما قال تعالى: {وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى}. ورغب الرسول صلى الله عليه وسلم بتبليغ سنته إلى من بعده إلى أن تقوم الساعة فقال: (نضّر الله مرأً سمع منا حديثاً فبلغه كما سمع فرب مبلِّغ أوعى من سامع) «رواه الترمذي». وبهذا تتجلَّى لنا أهمية السنة النبوية المطهّرة وعلو قدرها ورفعة مكانتها. ومن هنا تأتي أهمية إنشاء مجمع يعنى بطباعة وترجمة ونشر السنة النبوية. وهي أمنية وتطلع كثير من المسلمين في داخل المملكة وخارجها وخصوصاً في هذا الوقت. واقتراح تسميته (بمجمع الملك عبدالله للسنَّة النبوية وعلومها) ويكون مقرّه بالمدينة المنورة. ولعل مركز خدمة السنة النبوية في الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة يكون نواة لذلك المشروع المبارك.. ولا شك أن خير من يقوم بهذا العمل الجليل المبارك (إنشاء مجمع للسنّة النبوية) هو حكومة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز - حفظه الله ورعاه -. أسوة بوجود مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف الذي يبذل جهوداً» في نشر كتاب الله وتفسيره باللغات في أنحاء العالم. ولا ضير فهذه البلاد المباركة هي مهبط الوحي ومهد الرسالة المحمدية وبلاد الحرمين الشريفين ومهوى أفئدة المسلمين كافة. ولتكتمل بذلك منظومة خدماتها المباركة من عمارة وتوسعة الحرمين الشريفين وإنشاء مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف وإنشاء ودعم المراكز الإسلامية في داخل المملكة وخارجها. ولنا في معالي الشيخ صالح بن عبدالعزيز آل الشيخ وزير الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد والمشرف العام على مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف كبير الأمل -بعد الله جلَّ وعلا - في تبني هذا المقترح المبارك ودعمه وتفعيله ليكون واقعاً معيشاً في أسرع وقت. وليكون أيضاً - بإذن الله تعالى - هو المشرف العام على (مجمع الملك عبدالله للسنة النبوية وعلومها). وذلك لما لمعاليه من جهود مباركة في الدعوة إلى الله تعالى وخدمة السنة النبوية. والتي من أبرزها إشرافه على جمع الكتب الستة من صحاح أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم في كتاب واحد. أسأل الله تعالى أن يوفّق الجميع للعلم النافع والعمل الصالح.