بعد سباق ماراثوني طويل، استطاع الشاب سعد بن هادي الدوسري أن يجمع المبالغ اللازمة لتحقيق حلمه المتمثل في زواجه وقضاء شهر العسل خارج المملكة في إحدى الدول السياحية على حد تعبيره. ويضيف: «الكل يعرف مدى ارتفاع تكاليف الزواج لدينا في السعودية، تُضاف مع التكاليف العالية لشهر العسل، لكن هذه التكاليف لم تمنعني من أن أؤجل زواجي لبعض الوقت حتى يتسنى لي أن أجمع المبلغ اللازم للشهر الذي يتطلبه شهر العسل، مبلغ جمعته بمساعدة بعض الأصدقاء، بالإضافة إلى قرض مالي من إحدى البنوك المحلية». الدوسري يمثل جيلاً من الشباب السعودي يعتبر شهر العسل من الأمور المهمة في الزواج رغم ما يتكلفه من مبالغ باهظة. يوافقه في هذا أبو نواف القحطاني، ويزيد: «مهما تعددت الزيجات في حياة الفرد إلا أن شهر العسل لا يتكرر إلا مرة واحدة في العمر، فلا ضير أن تُدفع كل هذه المبالغ لأجل هذا الشهر، بل إني أتطرف حين أقول: لا بأس أن يستدين الإنسان من أجل هذا الشهر، ولا ننسى أن بعض المشايخ نصحوا بالسفر إلى خارج المملكة للترويح عن النفس وتحقيق المتعة والتأمل في بديع ما صنع الله». إلا أن فكرة الاستدانة من أجل قضاء شهر عسل خارج المملكة، لم تعجب معاذ الشيخ، الذي اعتبر أن الحكايات التي تروى عن قضاء شهر العسل في الخارج تقترب من أن تكون حكايات أسطورية: «فبقدر ما تخلع كل ما هو جميل ومبهر على السفر إلى الخارج، بقدر ما تشوه وتقلل من السياحة الداخلية لدينا، ومن أبرزها السياحة الدينية التي تمثل محطة مهمة لكل رجل وامرأة ارتبطا برابط الزواج، إذ إنه من الجميل أن يبدأ الزوجان حياتهما بزيارة لمكة والمدينة، زيارة تضفي الروحانية والسكون على الحياة الزوجية المتقلبة». المستشار الاجتماعي عبد الرحمن علي علق على شهر العسل بقوله: «تخصيص شهر في أول الزواج باسم شهر العسل من العادات الغربية التي دخلت على مجتمعنا في زمن الطفرة الاقتصادية، وربما اعتبرها الغرب شهر عسل لأن طبيعة مجتمعهم تفرض على الزوجين العمل طوال النهار فلذلك يخصصون شهرا يقيمون فيه مع بعضهم». ويضيف: «بالنسبة للوضع في السعودية، وإن كان يختلف بعض الشيء إلا أن قضاء شهر العسل خارج المملكة يعتبر أمراً مقبولاً ومن حق الزوجين أن يخصصا وقتا يتفرغان فيه للاستمتاع والنزهة والتجوال في أي مكان في العالم، ولكن بشرط ألا يكون هذا الشهر فوق طاقتهما الاقتصادية، وألا يكون تقليدا اجتماعيا بسبب كثرة من يفعلها من أقاربهم مثلا». ويختتم المستشار الاجتماعي عبد الرحمن علي مشاركته بقوله: «ليس المهم في شهر العسل مقدار التكاليف وكم في قدرة العريس أن يدفعه، أو المكان الذي يمكن أن يصله، المهم في شهر العسل تقوية الزواج الذي يعتبر رابطة دينية ومؤسسة اجتماعية تستمر عشرات السنين وليست مختزلة في شهر واحد». ومع اقتراب فصل الصيف، تشهد السعودية هجرة سياحية إلى الخارج يمثل العرسان فيها نسبة غير بسيطة، إذ قدرت إحصائيات دولية عن بأن عدد السعوديين المسافرين للخارج وصل إلى 10.72 ملايين سائح في 2012م وفق تقارير صحفية منشورة. وأجمعت بيوت خبرة دولية على أنه مع وجود هذا العدد الكبير للمواطنين السعوديين الذين يقضون إجازاتهم في الخارج فإن المملكة تسعى لتنويع مصادر دخلها بعيداً عن الاعتماد على النفط، برؤيتها أن صناعة السياحة إحدى الموارد الهامة والحيوية التي تسهم حاليا بنسبه 3.6% في إجمالي الناتج المحلي وكذلك توظيف السعوديين برغم الكثافة العمالية الموجودة بالبلاد. معتبرة أن المحرك الرئيسي للسياحة المحلية في السعودية: «هو السياحة الدينية مع وجود مكةالمكرمة والمدينة المنورة». كما قدرت تقارير أخرى عدد السياح القادمين إلى السعودية ب 14.87 مليون سائح في عام 2012. وتوقع التقرير أن يزيد عدد المواطنين المسافرين إلى الخارج من 10.72 ملايين سائح في 2012 إلى 13.55 مليون سائح عام 2016. وأن ترتفع نفقاتهم السياحية الدولية إلى 40.5 مليار ريال في نهاية 2016.