جاء إعلان وزارتي الداخلية والعمل بدعوة جميع المنشآت والأفراد والعمالة الوافدة إلى المسارعة لتصحيح مخالفات نظامي الاقامة والعمل.. ليلبي مطلباً كان ملحاً لإنهاء كل المشاكل التي تتعلق بتلك العمالة في البلاد والاستفادة من الاستثناءات والتسهيلات التي وافق عليها المقام السامي قبل انتهاء فترة المهلة التصحيحية والممتدة حتى تاريخ 24-8-1434ه الموافق 3-7-2013م وبعد هذه المهلة ستبدأ الجهات المختصة في حملاتها التفتيشية وتطبق النظام على المخالفين من أصحاب العمل والعمالة الوافدة. واشتمل اعلان وزارتي الداخلية والعمل على العديد من التسهيلات والاستثناءات التي تعد فرصة ثمينة لتصحيح الأوضاع وتقنين عمل المخالفين لنظام الاقامة والعمل، وأبرز تلك الاستثناءات هي اعفاء جميع الوافدين المخالفين لنظامي الاقامة والعمل الراغبين في تصحيح أوضاعهم والبقاء للعمل في المملكة من العقوبات المرتبطة بمخالفاتهم باستثناء الرسوم لمن وقعت مخالفتهم قبل 25-5-1434ه الموافق 6-4-2013م، ولا تشمل المهلة التصحيحية المتسللين الذين دخلوا البلاد بطريقة غير مشروعة.. بالاضافة إلى العديد من تلك الاستثناءات والتسهيلات هدفها القضاء على مشاكل العمالة الوافدة التي ستدعم بالتالي العملية الاقتصادية والاستقرار الاجتماعي والأمني، وتصبح تلك العمالة داعمة بايجابية وفاعلية للمسار الاقتصادي دون خوف أو الوقوع تحت طائلة القانون. وهناك العديد من الخبراء الاقتصاديين المتخصصين في قطاعات المقاولات والنقل يقدرون نسبة العمالة المخالفة التي تعمل لدى جهات ليست على كفالتها بنحو 40 في المائة من اجمالي العمالة الموجودة في المملكة وأمام هؤلاء فرصة الآن لتصحيح الأوضاع بعدها لابد من آلية للرقابة على سوق العمل والعمالة المخالفة.. لذلك نأمل أن يتجاوب الجميع بعد أن أصدرت وزارتا الداخلية والعمل هذا القرار الأكثر من رائع، لأنه يسهل على المقيم الاستفادة من نقل الكفالة وخاصة على مستوى الأفراد، هذه القرارات تعد بمثابة فرصة العمر لمن يريد العيش في هدوء واستقرار في هذا البلد الكريم الذي يسعى دائماً بقيادة خادم الحرمين الشريفين إلى تسهيل أمور المقيمين والاستفادة منهم والمحافظة عليهم. لا توجد دولة في العالم تخلو من جالية أجنبية تعمل تحت ظروف مختلفة.. ولابد أن نتعامل مع قضايا العمالة الوافدة بمنظور اقتصادي دون اهمال الجوانب الإنسانية، فالعمالة الوافدة مورد بشري واقتصادي يخضع لنظرية العرض والطلب، وأيضاً بمنظور أمني واجتماعي وثقافي، لأن وجود هذا العدد الكبير من العمالة الوافدة في المملكة يكلف الدولة مبالغ ضخمة تتمثل في صورة حوالات خارجية مما يؤثر سلباً على الاقتصاد الداخلي بالاضافة إلى العديد من المشاكل الأمنية والاجتماعية.. كما أنها تحد من قيام التجار السعوديين بأدوارهم التجارية الأساسية بسبب وجود سوق موازية أشبه بالسوق السوداء تمارسها بعض العمالة غير النظامية. وإذا سلمنا بأنه لا يوجد مجتمع نشط في العالم إلا وفي تكوينه عمالة وافدة تشارك المجتمع تتأثر بثقافته وتؤثر فيه أيضاً، ولذلك جاءت الحلول الأخيرة لمشاكل العمالة موفقة، لأنها تأخذ في اعتباراتها التعقيدات الكبيرة للعملية الاقتصادية والاجتماعية من حيث التناغم الاجتماعي والسياسات الاقتصادية والمرونة الثقافية، فالعمالة قيمة مضافة ذات أهمية كبيرى وعندما يشعر العامل بالمساواة والأمان الوظيفي والانتماء الاجتماعي ترتفع معدلاته الانتاجية.. نحو تحقيق أفضل فائدة اقتصادية من العمالة الوافدة. وبعد كل تلك الاستثناءات والتسهيلات للعمالة لتصحيح أوضاعها يبقى التعاون وتضافر الجهود مطلوباً من العديد من الجهات للسيطرة على تلك العمالة وتجنب المشاكل الكثيرة التي ينجم عن مخالفتها لنظام العمل في البلاد وتلك الجهات تتمثل في وزارة العمل ووزارة التجارة والصناعة ووزارة الداخلية.. وأخيراً فإن على المواطن دور مهم في الحد من استقدام العمالة التي لا يملك نشاطاً لتشغيلها ويطلقها في السوق ليتقاضى منها رواتب شهرية وتمثل عبئاً على سوق العمل. وهناك حلول على المدى البعيد تتمثل في توفير عمالة وطنية تحل بدلاً من العمالة الوافدة بالتدريب والتأهيل تدريجياً بهدف الحد من تزايد العمالة الوافدة بشرط تحقيق التوازن ما بين العرض والطلب في السوق المحلي بما لا يضر بالسياسة الاقتصادية للبلاد.