فقدت الأمة الإسلامية يوم السبت 24-6-1434ه أحد علمائها الأعلام العلاّمة الشيخ صالح بن عبد الرحمن الحصين - يرحمه الله -، الرئيس العام لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي سابقاً، عضو هيئة كبار العلماء.. عالم جليل اشتهر بالشفافية والتواضع ولين الجانب وحسن الخلق. كان - يرحمه الله - له من اسمه نصيب، كان صالحاً في خلقه فاضلاً في عمله محسناً في تعامله مع الناس عالماً زاهداً متواضعاً يُذكّرك بسيرة السلف الصالح، نحسبه كذلك ولا نزكي على الله أحداً من أزهد العلماء المعاصرين، زارنا - رحمه الله - في جمعية خيركم، فأدهشنا بتواضعه الجم وزهده فكان مسار حديث وإعجاب من منسوبي الجمعية. لقد آلمنا نبأ وفاة الشيخ صالح الحصين حيث يُعتبر من العلماء الربانيين والأئمة المصلحين الذين عاشوا الإسلام بقيمه وأخلاقه في حياتهم أخلاقا وقيماً وتواضعاً.. كان نادر زمانه لا تكاد تجد باباً من أبوب الخير والنفع والأخلاق والسلوك إلا كان من السابقين فيه.. تميز بعلمه الواسع بالشرع وبالواقع وتواضعه المذهل الذي قلَّ نظيره وحظي باحترام وتقدير عاليين على المستوى الرسمي والشعبي. كان نموذجاً للوسطية والاعتدال، أحد أعمدة مركز الحوار الوطني أدار جلسات الحوار الوطني بكل صراحة وعلم ورؤية وحكمة، أعماله الجليلة جعلته محل ثقة القيادة وامتداح أبناء الوطن. كان من أوائل من نال الشهادة الجامعية ثم الماجستير في الدراسات القانونية.. كان يتحدث الإنجليزية والفرنسية بطلاقة. عمل مستشاراً قانونياً في وزارة المالية، ثم رئيساً لهيئة التأديب وشارك في عضوية المجالس العليا للجامعات كما عُيِّن وزير دولة وعضو مجلس الوزراء، وكان أحد الأعضاء الذين درسوا نظام الحكم والشورى والمناطق وكُلِّف برئاسة شعبة الخبراء في مجلس الوزراء وأسهم في تأسيس صندوق التنمية العقاري لنظرته الاقتصادية الصائبة، أول من وضع نموذج عقد طبقاً لعقود فيدك، كما عُيِّن رئيسًا عامًّا لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي لمدة إحدى عشرة سنة وأُسْنِدَ إليه رئاسة مركز الملك عبد العزيز للحوار الوطني، كما أنه رائد من رواد العمل الخيري، فكان رئيساً وعضواً في عدد ليس بالقليل من المؤسسات الخيرية منها رئيس جمعية هدية الحاج والمعتمر الخيرية رئيس الجمعية الخيرية الصحية لرعاية المرضى ورئيس مركز مداد وعضويات متعددة في الجمعيات والمؤسسات الدينية والعلمية المختلفة، كما حصل على جائزة الملك فيصل العالمية لخدمة الإسلام في دورتها التاسعة والعشرين، وعُيِّن عضوًا في هيئة كبار العلماء بالمملكة. بالرغم من هذه المناصب التي تقلدها فلم يكن رهين أبهة المنصب، بل كان متواضعاً بسيطاً في كلامه وملبسه ومسكنه كبيراً في تواضعه وكثيراً ما شُوهد يدخل البوابات الرسمية في سيارة أجرة، وأحياناً على سيارة متواضعة يقودها بعض محبيه وأقاربه، بل كان يذهب أحياناً إلى مجلس الوزراء عندما كان وزيراً بسيارة أجرة لم يكن لديه - رحمه الله - سيارة فكان يقضي حوائجه ومشاويره على سيارات الأجرة. كان عالِماً زاهداً ورعاً جاءته الدنيا فرفضها وصيّرها في سبيل الله طريقاً لنفع عباد الله، أتته منحة في عهد الملك فيصل - رحمه الله - في المدينة، ورفض أخذها وقال: أخاف أن أطوّق بها يوم القيامة وعندما ألحّ عليه الملك فيصل - رحمه الله -، أخذها على مضض ثم بناها فندقاً وجعله وقفاً لله. كان الوزير الوحيد الذي يسكن في مكةالمكرمة في شقة ذات ثلاث غرف.. كان من أبرز رواد العمل الخيري وموجهيه يرى العمل الخيري والاجتماعي والإنساني أمتع له من الوظيفة، كان - يرحمه الله - يطوف على الدول الأفريقية وينفذ المشروعات بماله ويتجنب سكن الفنادق وينزل عند الدعاة ويعطيهم الأجرة ليستعينوا بها على حوائجهم، فقد كان مدرسة في التواضع والإحسان. نسأل الله تعالى أن يتغمده بواسع رحمته ويدخله جنة الفردوس. *رئيس جمعية خيركم بمحافظة جدة